للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الشوكاني: قوله: {وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ} أي مسخ بعضهم قردة وبعضهم خنازير وهم اليهود؛ فإن الله مسخ أصحاب السبت قردة، وكفار مائدة عيسي منهم خنازير، وقال ابن عباس- رضي الله عنهما -: (إن الممسوخين كلاهما أصحاب السبت فشبانهم مسخوا قردة ومشايخهم مسخوا خنازير) (١).

والأدلة على وجود ووقوع المسخ في الأمم الماضية من السنة النبوية الشريفة ما يلي: -

١ - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "قَالَ فُقِدَتْ أُمَّةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا يُدْرَى مَا فَعَلَتْ، وَإِنِّي لَا أُرَاهَا إِلَّا الْفَارَ إِذَا وُضِعَ لَهَا أَلْبَانُ الْإِبِلِ لَمْ تَشْرَبْ، وَإِذَا وُضِعَ لَهَا أَلْبَانُ الشَّاءِ شَرِبَتْ، فَحَدَّثْتُ كَعْبًا فَقَالَ أَنْتَ سَمِعْتَ النَبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُهُ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ لِي مِرَارًا فَقُلْتُ أَفَأَقْرَأُ التَّوْرَاةَ؟ " (٢).

وعند مسلم من طرق أخرى عن ابن سيرين عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: "الفأرة مسخ، وآية ذلك أنه يوضع بين يديها لبن الغنم فتشربه ويوضع بين يديها لبن الإبل فلا تذوقه" فقال له كعب: أسمعت هذا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: أفأنزلت على التوراة" (٣).

معناه أي أني سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأنا لا أقرأ التوراة حتى أعرفه من غير النبي - صلى الله عليه وسلم -.

٢ - وعن أبي سعيد - رضي الله عنه - أن أعرابيًا أتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: إني في غائط مضبة وإنه عامة طعام أهلي، قال: فلم يجبه فقلنا عاوده، فعاوده فلم يجبه، ثلاثًا. ثم ناداه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الثالثة فقال: "يا أعرابي إن الله لعن أو غضب على سبط من بني إسرائيل، فمسخهم دواب يدبون في الأرض، فلا أدري لعل هذا منها، فلست آكلها ولا أنهي عنها". (٤)


(١) فتح القدير (٢/ ٧٩)، البغوي في معالم التنزيل (٢/ ٤٩)، الخازن (٢/ ٥٨).
(٢) البخاري (٣٣٠٥)، ومسلم (٢٩٩٧).
(٣) مسلم (٢٩٩٧).
(٤) مسلم (١٩٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>