للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأَنْصَارِيُّونَ: لا يَجِبُ الْغُسْلُ إِلاَّ مِنَ الدَّفْقِ أَوْ مِنَ الماءِ. وَقَالَ المُهَاجِرُونَ: بَلْ إِذَا خَالَطَ فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ. قَالَ: قَالَ أَبو مُوسَى: فَأنا أَشْفِيكُمْ مِنْ ذَلِكَ. فَقُمْتُ فَاسْتَأْذَنْتُ عَلَى عَائِشَةَ. فَأُذِنَ لي. فَقُلْتُ لَهَا: يَا أُمَّاهْ -أَوْ يَا أُمَّ المؤْمِنِينَ- إني أُرِيدُ أَنْ أَسْألَكِ عَنْ شيء وإني أَسْتَحْيِيكِ. فَقَالَتْ: لا تَسْتَحْىِ أَنْ تسألني عَمَّا كُنْتَ سَائِلًا عَنْهُ أُمَّكَ التي وَلَدَتْكَ فَإِنَّمَا أنا أُمُّكَ. قُلْتُ: فَمَا يُوجِبُ الْغُسْلَ. قَالَتْ: عَلَى الْخَبِيرِ سَقَطْتَ. قَالَ رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "إِذَا جَلَسَ بَيْنَ شُعَبِهَا الأَرْبَعِ وَمَسَّ الختَانُ الختَانَ فَقَدْ وَجَبَ الْغُسْلُ". (١)

حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-: عَنِ النبي -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "إِذَا جَلَسَ بَيْنَ شُعَبِهَا الأَرْبَعِ ثُمَّ جَهَدَهَا، فَقَدْ وَجَبَ الْغَسْلُ"، وعند مسلم: "وَإِنْ لَمْ يُنْزِلْ". (٢)

حديث عائشة: قَالَتْ: إِنَّ رَجُلًا سَأَل رَسُولَ الله -صلى الله عليه وسلم- عَنِ الرَّجُلِ يجامِعُ أَهْلَهُ ثُمَّ يُكْسِلُ. هَلْ عَليْهِمَا الْغُسْلُ؟ وَعَائِشَةُ جَالِسَةٌ. فَقَالَ رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "إني لأفعَلُ ذَلِكَ أنا وَهَذ ثُمَّ نَغْتَسِلُ". (٣)

٣ - من الإجماع.

قال النووي: اعلم أن الأمة مجتمعة الآن على وجوب الغسل بالجماع، وإن لم يكن معه إنزال، وعلى وجوبه بالإنزال؛ وكمان جماعة من الصحابة على أنه لا يجب إلا بالإنزال؛ ثم رجع بعضهم. وانتقد الإجماع بعد الآخرين، وقال أيضًا: أن إيجاب الغسل لا يتوقف على نزول المني؛ بل متى غابت الحشفة في الفرج وجب الغسل على الرجل والمرأة؛ وهذا لا خلاف فيه اليوم؛ وقد كان فيه خلاف لبعض الصحابة ومن بعدهم؛ ثم انعقد الإجماع على ما ذكرناه، وهذا الإجماع انعقد في عصر عمر -رضي الله عنه-، وليس فيه خلاف إلى يومنا هذا. (٤)

قال ابن بطال: وإذا كان في المسألة قولان بعد انقراض الصحابة، ثم أجمع العصر


(١) مسلم (٣٤٩).
(٢) البخاري (٢٩١)، مسلم (٣٤٨).
(٣) مسلم (٣٥٠).
(٤) شرح النووي ٤/ ٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>