للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أجمع عليه العلماء في حقه - صلى الله عليه وسلم - من الحكم بالظاهر، والله يتولى السرائر (١).

٣ - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - اشترط على ربه أن من دعي عليه أن يجعلها له طهور وزكاة وقربة إذا لم يكن المدعو عليه، أهلًا للدعاء عليه: قال - صلى الله عليه وسلم - إِنِّي اشْتَرَطْتُ عَلَى رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ أَيُّ عَبْدٍ مِنَ المسْلِمِينَ سَبَبْتُهُ أَوْ شَتَمْتُهُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لَهُ زَكَاةً وَأَجْرًا" (٢).

وعن أنس بْن مَالِكٍ - رضي الله عنه - قَالَ: كَانَتْ عِنْدَ أُمِّ سُلَيْمٍ يَتيمَةٌ وَهِىَ أُمُّ أَنَسٍ فَرَأَى رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - الْيَتيمَةَ فَقَالَ: "آنتِ هِيَهْ لَقَدْ كَبِرْتِ لا كَبِرَ سِنُّكِ" فَرَجَعَتِ الْيَتِيمَةُ إِلَى أُمِّ سُلَيْمٍ تَبْكِي فَقَالَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ مَا لَكِ يَا بُنيَةُ قَالَتِ الجارِيةُ دَعَا عَلَيَّ نَبِي الله - صلى الله عليه وسلم - أَنْ لا يَكْبَرَ سِنِّي فَالآنَ لا يَكْبَرُ سِنِّي أَبَدًا -أَوْ قَالَتْ قَرْنِي- فَخَرَجَتْ أُمُّ سلَيْمٍ مُسْتَعْجِلَةً تَلُوثُ خِمَارَهَا حَتَّى لَقِيَتْ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ لَها رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَا لَكِ يَا أُمَّ سُلَيْمٍ". فَقَالَتْ يَا نَبِيَّ الله أَدَعَوْتَ عَلَى يَتِيمَتِي قَالَ: "وَمَا ذَاكِ يَا أُمَّ سلَيْمٍ". قَالَتْ زَعَمَتْ أنَّكَ دَعَوْتَ أَنْ لا يَكْبَرَ سِنُّهَا وَلا يَكْبَرَ قَرْنُهَا -قَالَ- فَضَحِكَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ قَالَ: "يَا أُمَّ سُلَيْمٍ أَمَا تَعْلَمِينَ أَنَّ شَرْطِي عَلَى رَبِّي أَنِّي اشْتَرَطْتُ عَلَى رَبِّي فَقُلْتُ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ أَرْضَى كَمَا يَرْضَى الْبَشَرُ وَأَغْضَبُ كَمَا يَغْضَبُ الْبَشَرُ فأيُّما أَحَدٍ دَعَوْتُ عَلَيْهِ مِنْ أُمَّتِي بِدَعْوةٍ لَيْسَ لَهَا بِأَهْلٍ أَنْ تَجْعَلَهَا لَهُ طَهُورًا وَزَكَاةً وَقُرْبَةً يُقَربُهُ بِهَا مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ" (٣).

قال ابن القاص: كان يجوز له - صلى الله عليه وسلم - أن يلعن شيئا من غير سبب يقتضيه لأن لعنته رحمة ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "اللهم إني اتخذت عندك عهدًا لن تخلفنيه؛ فإنما أنا بشر؛ فأي المؤمنين آذيته أو شتمته أو لعنته؛ فاجعلها له زكاة وصلاة وقربة تقربه بها إليك يوم القيامة "وفي رواية لهما" إنما أنا بشر أغضب كما يغضب البشر فأيما رجل من المسلمين سببته أو لعنته أو جلدته فاجعلها له صلاة وزكاة وقربة تقربه بها إليك يوم القيامة واجعل ذلك كفارة له إلى يوم القيامة".


(١) رد شبهات حول عصمة النبي - صلى الله عليه وسلم - في ضوء السنة النبوية الشريفة (١/ ٥٧٣).
(٢) مسلم (٦٧٩٠).
(٣) مسلم (٦٧٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>