للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نُوحٌ يَكُونُ فَلَّاحًا وَغَرَسَ كَرْمًا. وَشَرِبَ مِنَ الْخَمْرِ فَسَكِرَ وَتَعَرَّى دَاخِلَ خِبَائِهِ. فَأَبْصَرَ حَامٌ أبو كَنْعَانَ عَوْرَةَ أَبِيهِ، وَأَخْبَرَ أَخَوَيْهِ خَارِجًا. فَأَخَذَ سَامٌ وَيَافَثُ الرِّدَاءَ وَوَضَعَاهُ عَلَى أَكْتَافِهِمَا وَمَشَيَا إِلَى الْوَرَاءِ، وَسَتَرَا عَوْرَةَ أَبِيهِمَا وَوَجْهَاهُمَا إِلَى الْوَرَاءِ. فَلَمْ يُبْصِرَا عَوْرَةَ أَبِيهِمَا. فَلَمّا اسْتَيْقَظَ نُوحٌ مِنْ خَمْرِهِ، عَلِمَ مَا فَعَلَ بِهِ ابْنُهُ الصَّغِيرُ، فَقَالَ: "مَلْعُون كَنْعَانُ! عَبْدَ الْعَبِيدِ يَكُونُ لإِخْوَتِهِ". وَقَالَ: "مُبَارَك الرَّبُّ إِلهُ سَامٍ. وَلْيَكُنْ كَنْعَانُ عَبْدًا لَهُمْ. لِيَفْتَحِ الله لِيَافَثَ فَيَسْكُنَ فِي مَسَاكِنِ سَامٍ، وَلْيَكُنْ كَنْعَانُ عَبْدًا لهمْ (التكوين ٩: ١٨ - ٢٧)

ويمتد اللعن والقذف في النصوص المقدسة! ! عند النصارى ليحدثنا كيف يقذف الله -تعالى عن ذلك- الروث الحيواني في وجوه عصاة بني إسرائيل: قَالَ رَبُّ الجنُودِ. فَإِنِّي أُرْسِلُ عَلَيْكُمُ اللَّعْنَ، وَألعَنُ بَرَكَاتِكُمْ، بَلْ قَدْ لَعَنْتُهَا، لأَنَكُمْ لَسْتُمْ جَاعِلِينَ فِي الْقَلْبِ. ها أنذا أَنْتَهِرُ لَكُمُ الزَّرْعَ، وَأَمُدُّ الْفَرْثَ عَلَى وُجُوهِكُمْ، فَرْثَ أَعْيَادِكُمْ، فَتُنْزَعُونَ مَعَهُ. فَتَعْلَمُونَ أَنِّي أَرْسَلْتُ إِلَيْكُمْ هذ الْوَصِيَّةَ (ملاخي ٢/ ٢ - ٤).

ويتحدث سفر العدد عن شريعة غريبة يكتشف الرجل بموجبها خيانة زوجته أو براءتها، ألا وهو شرب ماء اللعنة المر الممزوج بغبار البيت؛ فإن ورمت بطنها وسقطت فخذها، فهي مذنبة؛ وإن قدر لها النجاة من هذا الماء الغريب، فإنها تكون بريئة.

ودعونا نتأمل طقوس هذا الاختبار الغريب، يقول سفر العدد: يَأْتِي الرَّجُلُ بَامْرَأَتِهِ إِلَى الْكَاهِنِ، ويأْتِي بِقُرْبَانِهَا مَعَهَا: عُشْرِ الإِيفَةِ مِنْ طَحِينِ شَعِيرٍ، لا يَصُبُّ عَلَيْهِ زيتًا وَلا يَجْعَلُ عَلَيْهِ لُبَانًا، لأَنَّهُ تَقْدِمَةُ غَيْرَهٍ، تَقْدِمَةُ تَذْكَارٍ تُذَكِّرُ ذَنْبًا. فَيُقدِّمُهَا الْكَاهِنُ ويُوقِفُهَا أَمَامَ الرَّبِّ، وَيَأْخُذُ الْكَاهِنُ مَاءً مُقَدَّسًا فِي إِنَاءِ خَزَفٍ، ويأْخُذُ الْكَاهِنُ مِنَ الْغُبَارِ الَّذِي فِي أَرْضِ المَسْكَنِ وَيَجْعَلُ فِي المَاءِ، ويُوقِفُ الْكَاهِنُ المُرْأَةَ أَمَامَ الرَّبِّ، ويَكْشِفُ رَأْسَ المُرْأَةِ، وَيَجْعَلُ فِي يَدَيْهَا تَقْدِمَةَ التَّذْكَارِ الَّتِي هِيَ تَقْدِمَةُ الْغَيرة، وَفِي يَدِ الْكَاهِنِ يَكُونُ مَاءُ اللَّعْنَةِ المُرُّ. وَيَسْتَحْلِفُ الْكَاهِنُ المُرْأَةَ ويقُوُل لَهَا: إِنْ كَانَ لَمْ يَضْطَجعْ مَعَكِ رَجُلٌ، وَإِنْ كُنْتِ لَمْ تَزِيغِي إِلَى نَجَاسَةٍ مِنْ تَحْتِ رَجُلِكِ، فَكُونِي بَرِيئَةً مِنْ مَاءِ اللَّعْنَةِ هذَا المُرِّ. وَلكِنْ إِنْ كُنْتِ قَدْ زُغْتِ مِنْ تَحْتِ رَجُلِكِ وَتَنَجَّسْتِ، وَجَعَلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>