للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَارٍ وَهَوْلًا وَأَجْنِحَةً. فَقَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: - "لَوْ دَنَا مِنِّي لاخْتَطَفَتْهُ المَلائِكَةُ عُضْوًا عُضْوًا". قَالَ: فَأَنْزَلَ الله عز وجل لا نَدْرِى في حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَوْ شيء بَلَغَهُ {كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى (٦) أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى (٧) إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى (٨) أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى (٩) عَبْدًا إِذَا صَلَّى (١٠) أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى (١١) أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى (١٢) أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى (١٣)} - يَعْنِى أَبَا جَهْلٍ - {أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى (١٤) كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ (١٥) نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ (١٦) فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ (١٧) سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ (١٨) كَلَّا لَا تُطِعْهُ}. (١)

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ - رضي الله عنه -: قَالَ أَبُو جَهْلٍ: لَئِنْ رَأَيْتُ مُحَمَّدًا يُصَلِّي عِنْدَ الْكَعْبَةِ لأَطَأَنَّ عَلَى عُنُقِهِ فَبَلَغَ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - فقَالَ: "لَوْ فَعَلَهُ لأَخَذَتْهُ المُلائِكَةُ" (٢).

وتمتد عناية الله عز وجل وعصمته لنبيه - صلى الله عليه وسلم - من محاولة سراقة بن مالك النيل من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، بالقتل أو الأسر للحصول على الدية التي رصدها كفار قريش (مائة ناقة لمن يأتي برسول الله - صلى الله عليه وسلم -) قتيلًا أو أسيرًا، وكما جاء على لسان سراقة بعد أن تتبع أثرهم قال: حَتَّى دَنَوْتُ مِنْهُمْ (أى: اقترب من رَكْبِه - صلى الله عليه وسلم -)، فَعَثَرَتْ بِي فرسي، فَخَرَرْتُ عَنْهَا فَقُمْتُ، فَأَهْوَيْتُ يدي إِلَى كنانتي فَاسْتَخْرَجْتُ مِنْهَ الأَزلامَ (٣)، فَاسْتَقْسَمْتُ بِهَا أَضُرُّهُمْ أَمْ لا فَخَرَجَ الذي أَكْرَهُ، فَرَكِبْتُ فرسي، وَعَصَيْتُ الأَزْلامَ، تُقَرِّبُ بِي حَتَّى إِذَا سَمِعْتُ قِرَاءَةَ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - وَهْوَ لا يَلْتَفِتُ، وَأَبُو بَكْرٍ يُكْثِرُ الِالْتِفَاتَ سَاخَتْ يَدَا فرسي في الأَرْضِ حَتَّى بَلَغَتَ الرُّكْبَتَيْنِ، فَخَرَرْتُ عَنْهَا ثُمَّ زَجَرْتها فَنَهَضَتْ، فَلَمْ يمَدْ تُخْرِجُ يَدَيْهَا، فَلَمّ اسْتَوَتْ قَائِمَةً، إِذَا لأَثَرِ يَدَيْهَا عُثَانٌ سَاطِع في السَّمَاءِ مِثْلُ الدُّخَانِ، فَاسْتَقْسَمْتُ بِالأَزْلامِ، فَخَرَجَ الذي أَكْرَهُ، فَنَادَيْتُهُمْ بِالأَمَانِ فَوَقَفُوا، فَرَكِبْتُ فرسي حَتَّى جِئْتُهُمْ، وَوَقَعَ في نفسي حِينَ لَقِيتُ مَا لَقِيتُ مِنَ


(١) مسلم (٢٧٩٧).
(٢) البخاري (٤٩٥٨).
(٣) الزُّلَم والزَّلَم واحدُ الأزْلام: وهي القِدَاح التي كانت في الجاهلية عليها مكتُوبٌ الأمرُ والنهيُ افْعَل ولا تفْعَل كان الرجُل منهم يضعُها في وعاء له فإذا أرادَ سفرًا أو زواجًا أو أمزا مُهِمًّا أدخلَ يده فأخرج منها زَلما فإن خرجَ الأمرُ مضى لشأنِه وإن خرج النَّهيُ كفَّ عنه ولم يفعلْه. النهاية في غريب الحديث والأثر ٢/ ٧٧٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>