للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التوحيد وهو عبادة الله وحده لا شريك له والإيمان به وبملائكته وكتبه ورسله ولقائه بالأب الواحد لاشتراك جميعهم فيه وهو الدين الذي شرعه الله لأنبيائه كلهم فقال تعالى: {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ}، وقال البخاري في صحيحه باب ما جاء أن دين الأنبياء واحد وذكر هذا الحديث وهذا هو دين الإسلام الذي أخبر الله أنه دين أنبيائه، ورسله من أولهم نوح إلى خاتمهم محمد فهو بمنزلة الأب الواحد وأما شرائع الأعمال، والمأمورات فقد تختلف فهي بمنزلة الأمهات الشتى التي كان لقاح تلك الأمهات من أب واحد كما أن مادة تلك الشرائع المختلفة من دين واحد متفق عليه فهذا أولى المعنيين بالحديث، وليس في تباعد أزمنتهم ما يوجب أن يشبه زمانهم بأمهاتهم، ويجعلون مختلفي الأمهات لذلك، وكون الأم بمنزلة الشريعة، والأب بمنزله الدين، وأصالة هذا وتذكيره، وفرعية الأم، وتأنيثها، واتحاد الأب، وتعدد الأم ما يدل على أنه معنى الحديث والله أعلم. (١)

وقال ابن تيمية: ولمما كان أصل الدين الذي هو دين الإسلام واحدًا، وإن تنوعت شرائعه قال النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح: إنا معاشر الأنبياء ديننا واحد، والأنبياء إخوة لعلات، وإن أولى الناس بابن مريم لأنا فليس بيني، وبينه نبي فدينهم واحد، وهو عبادة الله وحده لا شريك له، وهو يعبد في كل وقت بما أمر به في ذلك الوقت، وذلك هو دين الإسلام في ذلك الوقت. (٢)

وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ليس بيني وبينه نبي يعني عيسى وإنه نازل فإذا رأيتموه فاعرفوه رجل مربوع إلى الحمرة، والبياض بين ممصرتين كأن رأسه يقطر، وإن لم يصبه بلل فيقاتل الناس على الإسلام فيدق الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، ويهلك الله في زمانه الملل كلها إلا الإسلام، ويهلك المسيح الدجال فيمكث في الأرض


(١) بدائع الفوائد (٣/ ٧١٩).
(٢) اقتضاء الصراط المستقيم (٤٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>