للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نائبًا، أو مبتدئا شرعا فصلى مأمومًا لئلا يتدنس بغبار الشبهة وجه قوله: لا نبي بعدي وفي صلاة عيسى خلف رجل من هذه الأمة مع كونه في آخر الزمان، وقرب قيام الساعة دلالة للصحيح من الأقوال أن الأرض لا تخلو عن قائم لله بحجة والله أعلم. (١)

عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "الأنبياء إخوة لعلات أمهاتهم شتى ودينهم واحد وأنا أولى الناس بعيسى ابن مريم لأنه لم يكن بيني وبينه نبي، وإنه نازل، فإذا رأيتموه فاعرفوه رجلًا مربوعًا إلى الحمرة، والبياض عليه ثوبان ممصران كأن رأسه يقطر، وإن لم يصبه بلل فيدق الصليب، ويقتل الخنزير ويضع الجزية، ويدعو الناس إلى الإسلام فيهلك الله في زمانه الملل كلها إلا الإسلام، ويهلك الله في زمانه المسيح الدجال، وتقع الأمنة على الأرض حتى ترتع الأسود مع الإبل، والنمار مع البقر، والذئاب مع الغنم ويلعب الصبيان بالحيات لا تضرهم فيمكث أربعين سنة ثم يتوفى ويصلي عليه المسلمون" (٢).

فقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "الأنبياء أولاد علات"، وفي لفظ إخوة من علات أمهاتهم شتى، ودينهم واحد: قال الجوهري: بنو العلات هم أولاد الرجل من نسوة شتى سميت بذلك لأن الذي تزوجها على أولى كانت قبلها ثم على من الثانية العلل الشرب الثاني يقال له: علل بعد نهل، وعله يعله إذا سقاه السقية الثانية، وقال غيره سموا بذلك لأنهم أولاد ضرائر، والعلات الضرائر وهذا الثاني أظهر وأما وجه التسمية فقال جماعة منهم القاضي عياض وغيره معناه أن الأنبياء مختلفون في أزمانهم وبعضهم بعيد الوقت من بعض فهم أولاد علات إذ لم يجمعهم زمان واحد كما لم يجمع أولاد العلات بطن واحد وعيسى لما كان قريب الزمان من النبي، ولم يكن بينهما نبي كانا كأنهما في زمان واحد، فقال - صلى الله عليه وسلم - "أنا أولى الناس بعيسى بن مريم -عَلَيْهِ السَّلام- قالوا كيف يا رسول الله فقال الأنبياء إخوة من علات" الحديث.

وفيه وجه آخر أحسن من هذا وهو أن النبي - صلى الله عليه وسلم - شبه دين الأنبياء الذين اتفقوا عليه من


(١) فتح الباري (٦/ ٤٩٤).
(٢) أخرجه أبو داود (٤٣٢٤)، وابن ماجه (٤٠٧٨)، وأحمد في مسنده (٩٢٧٠) واللفظ له.

<<  <  ج: ص:  >  >>