فالظاهر أنه بعد الفراغ عن قصة إبراهيم ختمها بالسلام عليه، ثم ذكر ما خص به ذريته، وإذ قد اشتمل قصته ذكر بشارة ابنه الأول أعقبه ذكر بشارة ابنه الثاني، ثم ختم ذكرهما ببركتهما كذكر سائر الأنبياء.
٢ - قد جعل الله البركة لإسماعيل وإسحاق، وأعطى ذريتهما موضعين مباركين، وقد دعا إبراهيم -عليه السَّلام- لبركة مسكن إسماعيل، وقد صرحت التوراة بأن الله تعالى بارك إسماعيل-عليه السَّلام-.
فهذه الوجوه تستدعي ذكر بركتهما، فلا يصرف عنه إلا دليل يلجئ إلى التخصيص.
وإذ لا وجه للتخصيص فلا بد أن يؤخذ بما هو أوسع وأحسن تأويلًا، وهو ذكر إسماعيل وإسحاق، ومن ذريتهما محسن وظالم لنفسه مبين.
٣ - كما أن الله تعالى ذكر بركته على عباده الصالحين في مواضع من القرآن، واعتنى بذكر بركته على خواصهم، فذكر بركته على إسماعيل وإسحاق في التوراة والقرآن ليعلم ذريتهما من العرب واليهود ما يجب عليهم من الشكر، فكذلك كان حريًا بالذكر أنهم صاروا قسمين: فمنهم من أحسن، ومنهم من ظلم نفسه، لكي يتذكروا. وهذا كثير في التوراة والقرآن مثلًا قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ فَمِنْهُمْ مُهْتَدٍ