وبالجملة فإن القرآن قد اجتنب مجادلتهم فيما تمسكوا بظاهر الكتاب، وفي ذلك حكمة بينة لعدم التصريح باسم الذبيح، فلو كان هو إسحاق -عليه السلام- لم يكن مانعًا عن تسميته هاهنا.
والثاني: أن الإسلام جعل الفخر بالآباء من أمور الجاهلية، وجعل سعادة الإنسان وشرفه في استقلاله بأعماله. فعلى هذا الأصل كان أقرب إلى التكرم أن لا يذكر على لسان النبي في هذه القصة التي جاء فيها ذكر إسحاق -عليه السلام- بعد الفراغ عن واقعة الذبح ما يكون تصريحًا بأن إسماعيل -عليه السلام- الذي كان من آبائه هو صاحب هذا الشرف العظيم. وليت شعري ماذا يقول من يزعم أن الذبيح هو إسحاق -عليه السلام- في عدم تسميته في هذه القصة وبيان كونه ذبيحًا، مع كثرة ذكره والبشارة به لإبراهيم -عليه السلام-.