قلت: هكذا جاء النص في إنجيل مرقس كما في العهد القديم، أما متى ولوقا فقد قاما بحذف عبارة: اسْمَعْ يَا إِسرَائِيلُ. الرَّبُّ إِلهُنَا رَبٌّ وَاحِدٌ، وجاءت العبارة هكذا في إنجيل متى، حيث سأله الغربيين قائلًا في الفقرة: يا معلم أية وصية هي العظمى في الناموس؟ فقال له يسوع: وَتُحِبُّ الرَّبَّ إِلهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ، وَمنْ كُلِّ نَفْسِكَ، وَمنْ كُلِّ فِكْرِكَ، هذه هِيَ الْوَصِيَّةُ الأُولَى. وَثَانِيَةٌ مِثْلُهَا هِيَ: تُحِبُّ قَرِيبَكَ كَنَفْسِكَ. لَيْسَ وَصِيَّةٌ أُخْرَى أَعْظَمَ مِنْ هَاتَيْنِ. بِهَاتَيْنِ الْوَصِيَّتَيْنِ يَتَعَلَّقُ النَّامُوسُ كُلُّهُ وَالأنبِيَاءُ (متى ٢٢/ ٣٦: ٤٠).
وفي إنجيل لوقا: فقال له ما هو مكتوب في الناموس كيف تقرأ؟
وهذا يؤكد أن توحيد الربوبية والألوهية أساس الشريعة وأساس دعوة جميع الأنبياء عليهم السلام، وهذا ما صدقه القرآن في قوله -عز وجل-: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ}[النحل: ٣٦]، وقوله سبحانه:{وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ}[الأنبياء: ٢٥].
ومما يجدر بالذكر، أن سيدنا عيسى -عليه السلام- بين أنه لا وصية أعظم من هاتين الوصيتين، وأنهما أساس الناموس وأساس جميع دعوات الأنبياء، وبناء عليه، فلو كانت ألوهية عيسى -عليه السلام- ومشاركة الابن لله في ألوهيته، عقيدة حقة، والإيمان بها شرط ضروري للنجاة والخلاص الأخروي -كما نص عليه دستور الإيمان الذي تقرر بمجمع نيقية- لبيَّن عيسى -عليه السلام- ضرورة الإيمان بذلك ولم يكتمه، خاصة في هذا المقام الذي سئل فيه عن أهم الوصايا، فلما لم يذكر ذلك في هذا المقام، علم أن ألوهية عيسى ليست من وصايا الله - عز وجل - أصلًا. (١)
(١) وهذه الوصية في العهد القديم بنحو نصها في الجديد في سفر التثنية (٦/ ١٥: ٤): اِسْمَعْ يَا إِسْرَائِيلُ: الرَّبُّ إِلهنا رَبٌّ وَاحِدٌ. فَتُحِبُّ الرَّبَّ إِلهك مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ وَمنْ كُلِّ نَفْسِكَ وَمِنْ كُلِّ قُوَّتِكَ. وَلْتكُنْ هذه الْكَلِمَاتُ الَّتِي أنَّا أُوصِيكَ بِهَا الْيَوْمَ عَلَى قَلْبِكَ، وَقُصَّهَا عَلَى أَوْلَادِكَ، وَتَكلَّمْ بِهَا حِينَ تَجْلِسُ فِي بَيْتكَ، وَحِينَ =