١ - إن لفظ {وأمِّي} في الأصل يطلق على من لا يقرأ ولا يكتب، وقد يطلق اللفظ ويراد به معانٍ أخرى؛ ولكن لا بد أن يوجد قرينة لتصرف معناه عن المعنى الأصلي الذي يرد على الذهن من أول وهلة.
٢ - فكما أن الجهل بالشيء درجات وأنواع، فكذلك الأمية أنواع:
فهناك أمية في القراءة، وهناك أمية في العلم الإلهي، وهناك أمية في العلوم الدنيوية.
فنحن نسمع الآن أن من لم يتعلم الكمبيوتر فهو أمي، ويُقصد ذلك بالأمية في علوم دنيوية، فهناك علوم دنيوية من لم يتعلمها، قد يتهمه البعض بأنه أمي، بالرغم من أنه يقرأ ويكتب.
لذلك قال ابن تيمية: والصواب: أن الأمي نسبة إلى الأمة، كما يقال: عامِّي نسبة إلى العامَّة، التي لم تتميز عن العامَّة بما تمتاز به الخاصة، وكذلك هذا لم يتميز عن الأمة بما يمتاز به الخاصة من الكتابة والقراءة (١).
فمسألة التميز عن عموم الناس بميزات خاصة معينة، تُعرف من خلال سياق الكلام، وهي التي تحدد ماهية كلمة {أمي}.
٣ - ولنتعرف على معنى كلمة {أمي} في هذه الآية:
وهي تعني الأمية في العلم الإلهي، حتى ولو كان من يوسف بذلك يقرأ ويكتب، وفي هذه الحالة يوصف بها: إما من ليس له كتاب من عند الله، أو من لا يفهم ويطبق هذا الكتاب الذي عنده من الله.
عن ابن عباس وقتادة في قوله:{وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ} أي: غير عارفين بمعاني الكتاب يعلمونها حفظًا وقراءة بلا فهم، ولا يدرون ما فيه.
٤ - فمما سبق يتضح لنا أن لفظ {أمِّي} قد صرف عن معناه الأصلي -أي الذي لا يقرأ ولا يكتب- وذلك لعدة قرائن: