للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَكَانِنَا هَذَا" حتى قال: "فَيَأْتُونِي، فَأَنْطَلِقُ، فَأَسْتَأْذِنُ عَلَى رَبِّي، فَيُؤْذَنُ لِي عَلَيْهِ، فَإِذَا رَأَيْتُ رَبِّي وَقَعْتُ لَهُ سَاجِدًا، فَيَدَعُنِي مَا شَاءَ الله أَنْ يَدَعَنِي، ثُمَّ يُقَالُ: لِي ارْفَعْ مُحَمَّدُ، وَقُلْ يُسْمَعْ، وَسَلْ تُعْطَهْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، فَأَحْمَدُ رَبِّي بِمَحَامِدَ عَلَّمَنِيهَا، ثُمَّ أَشْفَعُ فَيَحُدُّ لِي حَدًّا، فَأُدْخِلُهُمْ الْجَنَّةَ، ثُمَّ أَرْجِعُ، فَإِذَا رَأَيْتُ رَبِّي وَقَعْتُ سَاجِدًا، فَيَدَعُنِي مَا شَاءَ الله أَنْ يَدَعَنِي، ثُمَّ يُقَالُ: ارْفَعْ مُحَمَّدُ، وَقُلْ يُسْمَعْ، وَسَلْ تُعْطَهْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، فَأَحْمَدُ رَبِّي بِمَحَامِدَ عَلَّمَنِيهَا رَبِّي، ثُمَّ أَشْفَعُ فَيَحُدُّ لِي حَدًّا، فَأُدْخِلُهُمْ الْجَنَّةَ، ثُمَّ أَرْجِعُ، فَإِذَا رَأَيْتُ رَبِّي وَقَعْتُ سَاجِدًا، فَيَدَعُنِي مَا شَاءَ الله أَنْ يَدَعَنِي، ثُمَّ يُقَالُ: ارْفَعْ مُحَمَّدُ، وقُلْ يُسْمَعْ، وَسَلْ تُعْطَهْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، فَأَحْمَدُ رَبِّي بِمَحَامِدَ عَلَّمَنِيهَا، ثُمَّ أَشْفَعْ، فَيَحُدُّ لِي حَدًّا، فَأُدْخِلُهُمْ الْجَنَّةَ، ثُمَّ أَرْجِعُ فَأَقُولُ: يَا رَبِّ، مَا بَقِيَ فِي النَّارِ إِلَّا مَنْ حَبَسَهُ الْقُرْآنُ". (١)

ثم كيف يدخل والداه في الشفاعة، والحال أنهما عند السيوطي في هذا المسلك من أهل الفترة؟ فإذا كان سيشفع فيهما على كل حال فما فائدة الامتحان؟ أليس هذا تلاعبًا بالكتاب والسنة، وروغانًا عن دلالتهما القطعية لمجرد التعصب؟ !

فإن قيل: إن هذا - أي الشفاعة - لمن مات مشركًا، خاص بقرابته وآل بيته، قلنا: إن الله عز وجل قال في كتابه العزيز: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} (النساء: ٤٨). وقد جاء ذلك في غير موضع من سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الجنة لا يدخلها إلا نفس مؤمنة. فَعَنْ عَبْدِ الله بنِ مَسعُودٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ مَاتَ يُشْرِكُ بِالله شَيْئًا دَخَلَ النَّارَ وَقُلْتُ أَنَا: مَنْ مَاتَ لَا يُشْرِكُ بِالله شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ" (٢).

كما أن الشرائع السماوية جميعًا جاءت بتقرير هذا الأصل العظيم، وهو أن القرابة والنسب لا تنفع المشرك، وضرب الله لنا أمثلة من الأنبياء أنفسهم، فمنهم مَن كفر أبوه ومنهم مَن كفر ولده، ومنهم من كفرت زوجه وهكذا دواليك، ثم يأتي أصحاب الأهواء بالمنكرات والشواذ


(١) البخاري (٧٤١٠، ٧٥١٠)، مسلم (١٩٣).
(٢) الحاوي للفتاوي ٢/ ٢٥٥، البخاري (١٢٣٨)، مسلم (٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>