للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن المعلوم أن الصحابة - رضي الله عنهم - أفضل من آبائهم، وكان آباؤهم كفارًا، بخلاف من كونه زوج بغيِّ؛ فإن هذا من أعظم ما يُذم به ويعاب؛ لأن مضرة ذلك تدخل عليه، بخلاف كفر أبيه أو ابنه.

وأيضًا فلو كان المؤمن لا يلد إلا مؤمنًا، لكان بنو آدم كلهم مؤمنين.

إلي أن قال رحمه الله: وأيضًا فإن الله لم يُثْنِ على أحد بمجرد نسبه، بل إنما يثني عليه بإيمانه وتقواه، كما قال الله تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} (الحجرات: ١٣).

وإن كان: "النَّاسُ مَعَادِنُ كَمَعَادِنِ الْفِضَّةِ وَالذَّهَبِ خِيَارُهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ خِيَارُهُمْ فِي الْإِسْلَامِ إِذَا فَقُهُوا" كما ثبت في الحديث الصحيح (١).

فالمعدن هو مظنة حصول المطلوب؛ فإن لم يحصل، وإلا كان المعدن الناقص الذي يحصل منه المطلوب خيرًا منه (٢).

وقال أيضًا: فإن كان الرجل لا يضره كفر أبيه أو فسقه، لم يضر نبينا، ولا إبراهيم كفر آبائهم. (٣)

وهذه القاعة العظيمة {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} هي المعمول بها عند جميع العقلاء على وجه الأرض، أن كل نفس أو كل إنسان بعمله هو، وأنه ليس من العدل أن يؤاخذ أحد بعمل غيره، قال الله تعالى في معرض ذكر قصة يوسف عليه السلام مع إخوته: {قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِنْدَهُ إِنَّا إِذًا لَظَالِمُونَ (٧٩)} (يوسف: ٧٩).

* * *


(١) البخاري (٣٢٠٣)، مسلم (٢٥٢٦).
(٢) منهاج السنة ٤/ ٣٥٣: ٣٥٠.
(٣) منهاج السنة ٤/ ٣٧٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>