للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نقول: لا علاقة لهذا الكلام بمسألتنا؛ فإننا نتفق على أنه لا يجوز أن يؤذي النبي - صلى الله عليه وسلم - بأي فعل مباح أو غير مباح، لكن هل يدخل في الأذى له - صلى الله عليه وسلم - أن نقول بما قاله؟ ونؤمن بما جاء عنه، ونصدقه، ونمرَّ النصوص كما جاءت بالقبول والتصديق، دون تحريف لها عن مواضعها؟ اللهم لا.

وأما قوله: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} فيعني: أن كل نفس يوم القيامة لا تحمل إلا وزرها - ذنبها - الذي اقترفته، لا تؤاخذ نفس بذنب غيرها.

فإن قلت: كيف الجمع بين هذه الآية وقوله: {وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ} قلت: هذه الآية {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} في الضالين، والأخرى: {وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ} في الضالين المضلين أنهم يحملون أثقال من أضلوه من الناس مع أثقال أنفسهم وذلك كله من كسبهم.

{وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا} معناه: وإن تدع نفس مثقلة بذنوبها، إلي أن يحمل غيرها شيئًا من ذنوبها {لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى} يعني: ولو كان المدعو ذا قربة كالأب والأم والابن والأخ.

قال ابن عباس: يعلق الأب والأم بالابن فيقول: يا بني، احمل عني بعض ذنوبي، فيقول: لا أستطيع، حسبي ما عليّ. {إِنَّمَا تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ} يعني: يخافون ربهم {بِالْغَيْبِ} يعني: لم يروه، والمعنى: وإنما ينفع إنذارك الذين يخشون ربهم ويخافوه بالغيب. وقوله: {وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَمَنْ تَزَكَّى} يعني: أصلح وعمل خيرًا، {فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ} يعني: لنفسه ثواب ذلك {وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ}.

قوله: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}:

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: كون الرجل أبويه أو ابنه كافرًا لا ينقصه ذلك عند الله شيئًا، فإن الله يخرج الحي من الميت، ويخرج الميت من الحي.

<<  <  ج: ص:  >  >>