للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذن فتعبير النووي ليس فيه تناقض فوصفه لتلك الحقبة بأنها فترة صحيح، مع كونهم بلغتهم الدعوة وقامت عليهم الحجة، والله أعلم.

وقد اتفق أهل السنة والجماعة سلفًا وخلفًا سلى وجوب التصديق بكل ما قاله - صلى الله عليه وسلم -، سواء احتملته عقولنا أم لا، وسواء وافق أهواءنا وأمنياتنا أم لا، فكما نصدق أن آسيا زوجة فرعون في الجنة، وأن ابن نوح الذي عصاه في النار نصدق كذلك بأن أبويه - صلى الله عليه وسلم - ماتا على الكفر وأنهما في النار.

أما أن بعض العلماء قالوا: لا يجوز لأحد أن يقول ذلك فالأمر فيه تفصيل:

فأما أن يقوله الشخص بلا سبب، وأن يكرره فرحًا به، أو يعرض به تنقصًا، أو ينال منهما، فلا شك أن ذلك هو النفاق محضًا؛ لأن ذلك يؤذي النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأذيته من أكبر الكبائر، وقد نهى - صلى الله عليه وسلم - أن يؤذي الأحياء بسبِّ الأموات، ولو كانوا أهلًا لذلك، فكيف به في عرضه ونفسه وأهله وماله - صلى الله عليه وسلم -.

أما إذا قال الرجل ذلك لسبب، كأن يرد الحديث فيبينه، أو يسأل عنه فيجيب، وكذلك إذا رفع المبتدعة عقيرتهم مكذبين بذلك، أو طاعنين فيمن يقول به، كما فعل السيوطي، فحينئذ يجوز، بل ربما يجب التصريح بذلك؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - هو الذي ذكر ذلك جوابًا على السؤال.

ثم إن النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو الذي تكلم بهذه النصوص وسمعها منه أصحابه وأدَّوها، لم يقل في نص منها إنه لا يجوز لأحد أن يقول بما قلته، بل إن الصحابة أدَّوها ونقلوها، ولو كان لا يجوز لأحد أن يقول ذلك لما نقلوها، أو لَنُقِلَ عنهم شيء من ذلك، والواقع أنه لم يُنقل عن أحد منهم المنع من القول بما قاله - صلى الله عليه وسلم - وهل يجرؤ مؤمن بالله تعالى وبرسوله - صلى الله عليه وسلم -، موقِّر لسنته - صلى الله عليه وسلم - متبع لما جاء به أن يقول غير ذلك؟ !

قال السيوطي: وقال الباجي في شرح الموطأ: قال بعض العلماء: إنه لا يجوز أن يؤذي النبي - صلى الله عليه وسلم - بفعل مباح وغيره .... (١).


(١) الحاوي للفتاوي ٢/ ٢٧٩، انتهي الرد من كتاب نقض مسالك السيوطي للزهراني.

<<  <  ج: ص:  >  >>