للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعلى فرض صحتها:

١ - قال السُّهَيْليّ رحمه الله: فَإِنْ قِيلَ فَالنَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ أَوْلَى مِنْ زَيْد بِهَذ الْفَضِيلَة.

فَالجوَاب: أَنهُ لَيْسَ فِي الحدِيث أَنَّهُ - صلى الله عليه وسلم - أَكَلَ مِنْهَا، وَعَلَى تَقْدِير أَنْ يَكُون أَكَلَ فَزَيْد إِنَّمَا كَانَ يَفْعَل ذَلِكَ بِرَأْيٍ يَرَاهُ لَا بِشَرْعٍ بَلَغَهُ، وَإِنَّمَا كَانَ عِنْد أَهْل الجاهِلِيَّة بَقَايَا مِنْ دَيْن إِبْرَاهِيم، وَكَانَ فِي شَرْع إِبْرَاهِيم تَحْرِيم الميْتَة لَا تَحْرِيم مَا لَمْ يُذْكَر اِسْم الله عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا نَزَلَ تَحْرِيم ذَلِكَ فِي الْإِسْلَام، وَالْأَصَحّ أَنَّ الْأَشْيَاء قَبْل الشَّرْع لَا تُوصَف بِحِلٍّ وَلَا بِحُرْمَةٍ، مَعَ أَنَّ الذَّبَائِح لَهَا أَصْل فِي تَحْلِيل الشَّرْع، وَاسْتَمَرَّ ذَلِكَ إِلَى نُزُول الْقُرْآن.

٢ - قال ابن حجر: وَقَوْله إِنَّ زَيْدًا فَعَلَ ذَلِكَ بِرَأْيِهِ، أَوْلَى مِنْ قَوْل الدَّاوُدِيّ، إِنَّهُ تَلَقَّاهُ عَنْ أَهْل الْكِتَاب لَا سِيَّمَا وَزَيْد يُصَرِّح عَنْ نَفْسه بِأَنَّهُ لَمْ يَتَّبع أَحَدًا مِنْ أَهْل الْكِتَابَيْنِ.

عن أسامة بن زيد عن زيد بن حارثة - رضي الله عنهما - قال: خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو مردفي إلى نصب من الأنصاب، فذبحنا له شاة ووضعناها في التنور، حتى إذا نضجت، استخرجناها، فجعلناها في سفرتنا، ثم أقبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسير وهو مردفي في أيام الحر من أيام مكة، حتى إذا كنا بأعلى الوادي، لقي فيه زيد بن عمرو بن نفيل، فحيا أحدهما الآخر بتحية الجاهلية، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ما لي أرى قومك قد شنفوك؟ قال: أما والله إن ذلك لتغير ثائرة كانت مني إليهم، ولكني أراهم على ضلالة، قال: فخرجت أبتغي هذا الدين، حتى قدمت على أحبار يثرب، فوجدتهم يعبدون الله ويشركون به فقلت: ما هذا بالدين الذي أبتغي، فخرجت، حتى أقدم على أحبار أيلة، فوجدتهم يعبدون الله ولا يشركون به فقلت: ما هذا بالدين الذي أبتغي، فقال لي حبر من أحبار الشام: إنك تسأل عن دين ما نعلم أحدًا يعبد الله به، إلا شيخًا بالجزيرة، فخرجت حتى قدمت، إليه فأخبرته الذي خرجت له فقال: إن كل من رأيته في ضلالة إنك تسأل عن دين هو دين الله ودين ملائكته، وقد خرج في أرضك نبي أو هو خارج يدعو إليه ارجع إليه وصدقه، وأتبعه وآمن بما جاء به فرجعت فلم أحسن شيئًا بعد، فأناخ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - البعير الذي كان تحته، ثم قدمنا إليه السفرة التي كان فيها الشواء

<<  <  ج: ص:  >  >>