للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو سلِّم بفتح هذا الباب لأصاب دين الإسلام ما أصاب دين اليهود والنصارى من تلاعب بنصوص كتابهم.

كذلك نقول نحن إذا جاء الحديث وقد تلقته الأمة بالقبول بدون خلاف بينهم كأهل الاختصاص في هذا العلم فلا يجوز لأحد أن يأتي من بعدهم ليخالفهم فيقول هذا الحديث ضعيف لأنه في ذلك يكون قد خالف سبيل المؤمنين.

المؤمنون اتفقوا على أحاديث واختلفوا في بعضها فما كان القسم الأول فلا يجوز المخالفة بل المخالفة خروج عن سبيل المؤمنين.

إذا عرف فلا سبيل لإنكار حديث سحر النبي - صلى الله عليه وسلم - بمثل ذلك الاستدلال الواه بتسليط آية {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} على أن معنى أن أحدًا من البشر لا يستطيع أن يؤذي النبي - صلى الله عليه وسلم - إيذاءًا بدنيا ماديًا لأن ذلك:

أولًا: معناه تخطئة الأمة في تلقيهم لهذا الحديث بالقبول.

ثانيًا: سيلزم من ذلك رد أحاديث كثيرة أشرنا إلى بعضها آنفا كشجِّ رأس النبي - صلى الله عليه وسلم - وكسر رباعيته أيضًا هذا صحيح فهل يرد مثل {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ}؟

الجواب: لا: رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما يتعلق بطبيعته البشرية فهو كالبشر تمامًا وذلك هو صريح القرآن الكريم {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ} [الكهف: ١١٠]، وفصلت: ٦) فقط هذا؟ لا: إنما مُيِّز بقوله تعالى حكاية عن قوله هو: {يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ} إلى آخر الآية ففيما يتعلق به - عليه السلام - بصفة كونه بشرًا هو كسائر البشر أي يمرض ويفرح ويحزن ويضحك ويبتسم، يبكي إلى آخره ولذلك ذكر الإمام الذهبي - رحمه الله - في ترجمة بعض الرواة حينما روى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حينما مات تغير بعد موته بدنه أنكر ذلك في الرواية بعضهم من الناحية قال: هذا لا يليق نسبته إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فردَّ الذهبي عليه هذه الرواية إن صحت فما فيها شيء ينافي عصمته - صلى الله عليه وسلم - ومنزلته عند ربه تبارك وتعالى لأنه بشر لا يجري عليه كل أحكام البشر من ذلك أن اليهودي سحره هذا السحر هنا ينبغي أن نتوقف قليلًا سحر يتوهم كثيرون

<<  <  ج: ص:  >  >>