للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا هو معنى الحديث فليس له علاقة بتسلط بعض المشركين الأشرار على النبي - صلى الله عليه وسلم - بشيء من الإيذاء كيف ومن الثابت في السيرة النبوية أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد أُذي وشُج في رأسه في بعض الغزوات وكُسرت رباعيته فهل هذا ينافي قوله تعالى: {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ}.

الجواب: لا: لأن الآية في معناها الصحيح في وادٍ ودعوى أولئك الناس في وادٍ آخر.

ثم هم يبطلون بهذا الفهم الخاطئ حديثًا صحيحًا متفق عليه بين الشيخين:

أولًا: البخاري ومسلم ثم هو مما تلقته الأمة بالقبول وقد جاء له أن إسناده في غاية الصحة لأن له طرقًا كثيرة تدور كلها على هشام بن عروة عن عائشة هذا السند معروف جدًّا جدًّا عروة هو ابن أسماء أخت عائشة وهشام هو ابن عروة الابن يروي عن أبيه وأبوه يروي عن خالته عائشة.

هذه القصة فأبعد ما يكون من حيث الرواية أن تكون هذه القصة غير صحيحة فهؤلاء لا يقيمون وزنًا لجمهور علماء الحديث المتكاثفة المتعاونة طيلة هذه القرون الطويلة بالعناية بحفظ السنة أن يدخل فيها ما ليس منها فهم خرجوا عن طريق المسلمين لا فرق بين فريق أهل الحديث وفريق أهل التفسير وفريق أهل الفقه فقد خالفوهم جميعًا لأن هذا الحديث قد رواه الشيخان كما علمتم في صحيحهما ثم تلقته علماء الأمة في جميع اختصاصهم من مفسرين وفقهاء ونحو ذلك تلقوه بالقبول فجاء بعضهم وإن كان هذا وأمثاله سُبق إلى مثل هذا الانحراف فخالفوا بذلك السبيل فنخشى أن يشملهم وعيد قول رب العالمين: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (١١٥)} [النساء: ١١٥].

لذلك يقول علماء التفسير وفي مقدمتهم شيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله إذا كان هناك آية وفي تفسيرها قولان فلا يجوز لمن جاء في آخر الزمان أن يأتي بقول ثالث لأن هذا القول الثالث يكون بدعة في الدين ويكون مخالفًا لسبيل المؤمنين فقد فرضنا أن في آية ما قولين فمن أين جاء هذا الإنسان بقول ثالث؟

<<  <  ج: ص:  >  >>