للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سمع أحد كلامي ولم يؤمن فأنا لا أدينه لأني لم آت لأدين العالم بل لأخلص العالم من رذلني ولم يقبل كلامي فله من يدينه الكلام الذي تكلمت به هو يدينه في اليوم الأخير؛ لأني لم أتكلم من نفسي لكن الآب الذي أرسلني هو أعطاني وصية ماذا أقول وبماذا اتكلم.

قلت: استشهاد المسيح -عليه السَّلام- بحكم التوراة "شهادة رجلين حق" تصريح منه بالغيرية بينه وبين الله تعالى الذي يشهد له، فهما إذن اثنان: مرسِل ورسول، وهذا ينفي بوضوح قضية أن المسيح هو الله نفسه متجسدًا.

والآن إليكم هذه العبارة التي قد تفاجئكم بشدة وضوحها وصراحتها في نفي إلهية عيسى:

(٧) ففي إنجيل يوحنا (٨/ ٤٠): "وَلكِنَّكمُ الآنَ تَطلُبُونَ أَنْ تَقْتُلُونِي، وَأَنا إِنْسَان قَدْ كَلَّمَكُمْ بِالحقِّ الَّذِي سَمِعَهُ مِنَ الله" أقول: لو لم يكن في الإنجيل سوى هذه الآية لكفى بها دلالة على نفي إلهية عيسى -عليه السَّلام-.

(٨) وفيه أيضًا (٨/ ٢٦ - ٢٩): "لكِنَّ الَّذِي أَرْسَلَنِي هُوَ حَق. وَأَنا مَا سَمِعْتُهُ مِنْهُ، فَهذَا أقولُهُ لِلْعَالمِ". وَلَمْ يَفْهَمُوا إنَّهُ كَانَ يَقُولُ لهمْ عَنِ الآبِ. فَقَال لَهُمْ يَسُوعُ: "مَتَى رَفَعْتُمُ ابْنَ الإِنْسَانِ، فَحِينَئِذٍ تَفْهَمُونَ أَنِّي أنا هُوَ، وَلَسْتُ أَفْعَلُ شَيْئًا مِنْ نَفْسِي، بَلْ أَتكلَّمُ بِهذَا كما عَلَّمَنِي أَبِي. وَالَّذِي أَرْسَلَنِي هُوَ مَعِي، وَلَمْ يَتْرُكْنِي الآبُ وَحْدِي، لأني فِي كُلِّ حِينٍ أَفْعَلُ مَا يُرْضِيهِ".

(٩) وفيه أيضًا: (١٠/ ٣٦): "فَالَّذِي قَدَّسَهُ الآبُ وَأَرْسَلَهُ إِلَى الْعَالمِ، أتقُولُونَ لَهُ: إِنَّكَ تُجدِّفُ، لأنِّي قُلْتُ: إِنِّي ابْنُ الله؟ "

(١٠) وفيه أيضًا: (٢٠/ ٢١): "فَقَال لهمْ يَسُوعُ أيضًا: "سَلَام لَكُمْ! كما أرْسَلَنِي الآبُ أُرْسِلُكُمْ أنَّا".

قلت: ففي العبارة الأخيرة يماثل سيدنا المسيح -عليه السلام- بين إرسال الآب له وإرساله هو لتلاميذه للدعوة والتبشير، وبالتالي فكما أن تلاميذه وحوارييه ليسوا عيسى بعينه! فبمقتضي التماثل لا يكون عيسى -عليه السلام- هو الله بعينه، بل يكون رسوله ومبعوثه.

(١١) قوله: "أنتم تدعونني معلّمًا وسيّدًا، وحسنًا تقولون، لأني أنا كذلك" (يوحنا

<<  <  ج: ص:  >  >>