للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ففي هذه الآية يخبر تعالى عما زُيِّن للناس في هذه الحياة الدنيا من أنواع الملاذ من النساء والبنين، فبدأ بالنساء لأن الفتنة بهن أشد، كما ثبت في الصحيح أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَا تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً أَضَرُّ عَلَى الرِّجَالِ مِنَ النِّساء" (١).

والتزيين للشهوات يطلق ويراد به خلق حبها في القلوب، وهو بهذا المعنى مضاف إليه تعالى حقيقة؛ لأنه لا خالق إلا هو، ويطلق ويراد به الحض على تعاطي الشهوات المحظورة فتزيينها بالمعنى الثاني مضاف إلى الشيطان تنزيلا لوسوسته وتحسينه منزلة الأمر بها والحض على تعاطيها". ثم بين -سبحانه- أهم المشتهيات التي يحبها الناس، وتهفوا إليها قلوبهم، وترغب فيها نفوسهم، فأجملها في أمور ستة.

أما أولها: فقد عبر عنه القرآن بقوله: {مِنَ النِّسَاءِ}

ولا شك أن المحبة بين الرجال، والنساء شيء فطري في الطبيعة الإنسانية، ويكفي أن الله عز وجل قد قال في العلاقة بين الرجل والمرأة: {هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ} وقال تعالى في آية ثانية: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً}، وإن بعض الرجال قد يستهين بكل شيء في سبيل الوصول إلى المرأة التي يهواها ويشتهيها، والأمثال على ذلك كثيرة ولا مجال لذكرها هنا، ولذا قدم القرآن اشتهاءهن على كل شهوة. (٢)

فأما إذا كان القصد بهن الإعفاف، وكثرة الأولاد؛ فهذا مطلوب مرغوب فيه مندوب إليه، كما وردت الأحاديث بالترغيب في التزويج، والاستكثار منه (٣).

والمراد بالناس: الجنس، والشهوات جمع شهوة، وهي نزوع النفس إلى ما تريده، والمراد


(١) تفسير ابن كثير (١/ ٤٦٨).
(٢) روح المعاني للآلوسي، والتفسير الوسيط لسيد طنطاوي (سورة آل عمران: ١٤).
(٣) تفسير ابن كثير (١/ ٤٦٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>