للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هنا: المشتهيات عبر عنها بالشهوات، مبالغة في كونها مرغوبًا فيها، أو تحقيرًا لها؛ لكونها مسترذلة عند العقلاء من صفات الطبائع البهيمية، ووجه تزيين الله سبحانه لها: ابتلاء عباده، كما صرح به في الآية الأخرى. (١)

وقال الآلوسي: وقدم النساء لعراقتهن في معنى الشهوة وهن حبائل الشيطان، وقد روي عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء"، ويقال: فيهن فتنتان قطع الرحم، وجمع المال من الحلال والحرام، وثنى بالبنين؛ لأنهم من ثمرات النساء في الفتن. (٢)

وقال ابن عاشور: فالميْل إلى النساء مركوز في الطبع، وضعه الله تعالى لحكمةِ بقاء النوع بداعي طلب التناسل، إذ المرأة هي موضع التناسل، فجُعل ميل الرجل إليها في الطبع حتى لا يحتاج بقاء النوع إلى تكلّف رُبَّمَا تعقبه سآمة، وفي الحديث: "ما تركتُ بعدي فتنةً أشدّ على الرجال من فتنة النساء" ولم يُذكر الرجالُ، لأنّ ميل النساء إلى الرجال أضعف في الطبع، وإنّما تحصل المحبّة منهن للرجال بالإلف والإحسان. (٣).

وفي سبيل توجيه هذه الشهوة وعدم كبتها يقول السيد قطب -رحمه الله-: ولما كانت هذه الرغائب والدوافع -مع هذا- طبيعية، وفطرية، ومكلفة من قبل البارئ -جل وعلا- أن تؤدي للبشرية دورًا أساسيًا في حفظ الحياة وامتدادها؛ فإن الإسلام لا يشير بكبتها وقتلها، ولكن إلى ضبطها وتنظيمها، وتخفيف حدتها واندفاعها؛ وإلى أن يكون الإنسان مالكًا لها متصرفًا فيها، لا أن تكون مالكة له متصرفة فيه؛ وإلى تقوية روح التسامي فيه والتطلع إلى ما هو أعلى.

ومن ثَمّ يعرض النص القرآني الذي يتولى هذا التوجيه التربوي .. هذه الرغائب والدافع، ويعرض إلى جوارها على امتداد البصر ألوانًا من لذائذ الحس والنفس في العالم


(١) فتح القدير للشوكاني (١/ ٤٨٧).
(٢) تفسير الآلوسي (٣/ ٩٩).
(٣) التحرير والتنوير (١/ ٧٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>