للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن أفعاله حجة.

قال الشوكاني: قوله: كان يقبلها فيه دليل على أنه يجوز التقبيل للصائم ولا يفسد به الصوم. (١)

قال ابن عبد البر: وفيه من الفقه أن القبلة للصائم جائزة في رمضان وغيره شابًا كان أو شيخًا على عموم الحديث وظاهره لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يقل للمرأة هل زوجك شيخ أو شاب، ولو ورد الشرع بالفرق بينهما لما سكت عنه - صلى الله عليه وسلم - لأنه المنبئ عن الله عزَّ وجلَّ مراده من عباده وأظن أن الذي فرق بين الشيخ في القبلة للصائم والشاب ذهب إلى قول عائشة: وأيكم أملك لإربه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حديثها عنه أنه كان يقبلها، وهو صائم - صلى الله عليه وسلم - يعني أملك لنفسه وشهوته، والدليل أن الشيخ والشاب عندها في ذلك سواء، وأن قولها إنما خرج على الإشفاق والاحتياط في ذلك ما ذكره.

ثم قال رحمه الله: وقد أجمع العلماء على أن من كره القبلة لم يكرهها لنفسها وإنما كرهها خشية ما تحمل إليه من الإنزال، وأقل ذلك المذي لم يختلفوا في أن من قبل، وسلم من قليل ذلك، وكثيره فلا شيء عليه، وممن قال بإباحة القبلة للصائم عمر بن الخطاب، وسعد بن أبي وقاص، وأبو هريرة، وابن عباس، وعائشة وبه قال عطاء، والشعبي، والحسن، وهو قول أحمد، وإسحاق، وداود.

وقال أبو حنيفة وأصحابه: لا بأس بالقبلة للصائم إذا كان يأمن على نفسه.

قالوا: وإن قبل وأمنى فعليه القضاء ولا كفارة عليه، وهو قول الثوري، والشافعي وكلهم يقول من قبل فأمنى فليس عليه غير القضاء.

وقال ابن علية: لا تفسد القبلة الصوم إلا أن ينزل الماء الدافق، ولا أعلم أحدا رخص في القبلة للصائم إلا وهو يشترط السلامة مما يتولد منها، وأن من يعلم أنه يتولد عليه منها ما يفسد صومه وجب عليه اجتنابها (٢).


(١) نيل الأوطار ٤/ ٢٨٨.
(٢) الاستذكار لابن عبد البر ٣/ ٢٩٥ - ٢٩٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>