للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البشارات التي كان كتَّاب الأناجيل والحواريون يستشهدون بها على أن المقصود بها المسيح عليه السلام، وفيما يلي الشواهد على ذلك:

(١) يقول متَّى -وهو أحد الحواريين الاثني عشر- في إنجيله (١٢/ ١٤ - ٢٠):

"فَلَمّا خَرَجَ الْفَرِّيسِيُّونَ تَشَاوَرُوا عَلَيْهِ لِكَيْ يُهْلِكُوهُ، فَعَلِمَ يَسُوعُ وَانْصَرَفَ مِنْ هُنَاكَ. وَتَبِعَتْهُ جُمُوعٌ كَثِيرَة فَشَفَاهُمْ جَمِيعًا. وَأَوْصَاهُمْ أَنْ لَا يُظْهِرُوهُ، لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ بِإِشَعْيَاءَ النَّبِيِّ الْقَائِلِ: "هُوَذَا فَتَايَ الَّذِي اخْتَرْتُهُ، حَبِيبِي الَّذِي سُرَّتْ بِهِ نَفْسِي. أَضَعُ رُوحِي عَلَيْهِ فَيُخْبِرُ الأُمَمَ بِالْحَقِّ. لَا يُخَاصِمُ وَلَا يَصِيحُ، وَلَا يَسْمَعُ أَحَدٌ فِي الشَّوَارِعِ صَوْتَهُ. قَصَبَةً مَرْضُوضَةً لَا يَقْصِفُ، وَفَتِيلَةً مُدَخِّنَةً لَا يُطْفِئُ، حَتَّى يُخْرِجَ الْحَقَّ إِلَى النُّصْرَةِ."

ففي هذا النص يستشهد كاتب الإنجيل الأول القديس متى الحواري، وهو من الحواريين الاثني عشر ومن أوائل المؤمنين بالمسيح عليه السلام، ببشارة وردت في سفر إشعيا من العهد القديم، على أنها تتكلم عن المسيح عليه السلام، وهذه البشارة تبتدأ بإعلان عبودية المسيح لله عز وجل، وذلك حين تقول: "هو ذا فتاي الذي اخترته"، إذ كلمة فتاي مرادف لكلمة عبدي أو غلامي، وللتأكد من ذلك ما علينا إلا أن نرجع إلى سفر إشعيا نفسه الذي وردت فيه تلك البشارة حيث نجد البشارة في الإصحاح الثاني والأربعين منه كما يلي: "هُوَذَا عَبْدِي الَّذِي أَعْضُدُهُ، مُخْتَارِي الَّذِي سُرَّتْ بِهِ نَفْسِي. وَضَعْتُ رُوحِي عَلَيْهِ فَيُخْرِجُ الْحَقَّ لِلأُمَمِ. ٢ لَا يَصِيحُ وَلَا يَرْفَعُ وَلَا يُسْمِعُ فِي الشَّارِعِ صَوْتَهُ. ٣ قَصَبَةً مَرْضُوضَةً لَا يَقْصِفُ، وَفَتِيلَةً خَامِدَةً لَا يُطْفِئُ. إِلَى الأَمَانِ يُخْرِجُ الْحَقَّ. ٤ لَا يَكِلُّ وَلَا يَنْكَسِرُ حَتَّى يَضَعَ الْحَقَّ فِي الأَرْضِ، وَتَنتظِرُ الجْزَائِرُ شَرِيعَتَهُ" (إشعيا: ٤٢/ ١ - ٤).

ولذلك في الترجمة الأخرى الجديدة للعهد الجديد التي قامت بها الرهبانية اليسوعية (الكاثوليكية) في بيروت (١٩٨٩ م) استُخْدِمَت لفظة "عبدي" عند ذكر كلام متى واستشهاده بالبشارة المذكورة.

والحاصل أن تطبيق متى الحواري تلك البشارة على عيسى عليه السلام يبين أن متى كان يرى

<<  <  ج: ص:  >  >>