في عيسى:"عبد الله، الذي اختاره الله تعالى واجتباه وأوحى إليه بواسطة جبريل وبعثه بالحق للأمم. . ." تماما كما هو التصور الإسلامي للمسيح عليه السلام، أي لم يكن متى يرى في المسيح إلهًا متجسدًا ولا ربًا معبودا! .
(٢) يذكر القديس لوقا، كاتب الإنجيل الثالث ومؤلف سفر "أعمال الرسل"(١٢)، في أعمال الرسل: أن القديس فيليبس (أحد المعاونين السبعة الذين اختارهم الحواريون لمعاونتهم في خدمة المائدة وتقسيم الأرزاق اليومية، لأنهم وجدوهم مملوئين من الروح القدس والحكمة)، لما سأله العبد الحبشي الخصي عن الشخص المراد بالآيات التي كان يتلوها من سفر النبي إشعيا عليه السلام والتي تقول:"كخروف سيق إلى الذبح. وكحملٍ صامتٍ بين يدي من يجزُّه. هكذا لا يفتح فاه. في ذلِّهِ ألغي الحكم عليه. ترى من يصف ذريته؟ . لأن حياته أزيلت عن الأرض"، أجابه القديس فيليبس أن هذه الآيات تشير إلى يسوع وأخذ يشرح له ذلك، فآمن الرجل وطلب من فيليبس أن يعمده فعمده. من هذه القصة يتبين أن كلًا من لوقا كاتب أعمال الرسل والقديس فيليبس كانا يريان أن تلك البشارة في كلام إشعيا إنما تنطبق على المسيح وتشير إليه، وهو أمر أصبح فيما بعد من المسلمات لدى آباء الكنيسة. فإذا رجعنا إلى أصل هذه البشارة كما جاءت في سفر النبي إشعيا عليه السلام وجدناها بشارة مطولة تبدأ هكذا:"هو ذا عبدي يعقل، يتعالى، ويرتقي، ويتسامى جدا. . (إلى أن قال) ظُلِمَ أما هو فتذلل ولم يفتح فاه، كشاةٍ تُساق إلى الذبح. . . (إلى قوله) وعبدي البار بمعرفته يبرِّر كثيرين وآثامهم هو يحملها، لذلك أَقسم له بين الأعزاء، ومع العظماء يقسم غنيمة، من أجل أنه سكب للموت نفسه وأُحْصي مع أثمة وهو حَمَلَ خطيَّة كثيرين وشفع في المذنبين"(إشعيا: ٥٣/ ١ ثم ٧ ثم ١١ - ١٢). وعليه فإن لوقا وفيليبس اللذين طبقا هذه البشارة على المسيح، كانا يريان فيه: عبدًا للَّهِ تعالى تسامى وارتقى بعظيم تضحيته، وعبد الله البار، الذي - رضي الله عنه - لأجل تضحيته فجعله معَ أعزائه وقسم له مقاما بين عظمائه. لذا لا نعجب إذا رأينا لوقا -في كتابه أعمال الرسل- يطلِق على المسيح مرارا لقب