١٢ - وها هم أعداؤه عليه السلام من اليهود يلاحقونه، ويطلبون منه آية، فأخبرهم بأنه لن تأتيهم سوى آية يونان النبي (يونس) عليه السلام "حِينَئِذٍ أَجَابَ قَوْمٌ مِنَ الْكَتبَةِ وَالْفَرِّيسِيِّينَ قَائِلِينَ: "يَا مُعَلِّمُ، نُرِيدُ أَنْ نَرَى مِنْكَ آيَةً". ٣٩ فَأَجابَ وَقَال لهُمْ:"جِيلٌ شِرِّيرٌ وَفَاسِقٌ يَطْلُبُ آيَةً، وَلَا تُعْطَى لَهُ آيَةٌ إِلَّا آيَةَ يُونَانَ النَّبِيِّ"(متى ١٢/ ٣٨ - ٣٩). واليهود، لا ريب أنهم يبحثون عن آية تدل على نبوته التي يدعوهم إلى الإيمان بها، ولو كان ما يدعو إليه الألوهية لما رضوا منه بمثل آية يونان، بل ولطالبوه بآيات أعظم من آية يونان، وغيره من الأنبياء.
١٣ - وفيما أحد الفريسيين يرقب المسيح متشككًا بنبوته تقدمت إليه امرأة خاطئة باكية تمسح رجليه بشعرها، تقبلهما وتدهنهما بالطيب، "فلما رأى الفريسي الذي دعاه ذلك، تكلم في نفسه قائلًا: لو كان هذا نبيًّا لعلم من هذه المرأة التي تلمسه؟ وما هي؟ إنها خاطئة"(لوقا ٧/ ٣٩). لقد استنكر في نفسه نبوة -لا ألوهية- هذا الذي يجهل حال الخاطئة، مما يؤكد أن دعواه عليه السلام بينهم إنما كانت النبوة فحسب.
١٤ - ولما أراد اليهود قتله، كانت جريمته عندهم دعواه النبوة، لا الربوبية، فقد قالوا لنيقوديموس:"ألعلك أنت أيضًا من الجليل؟ فتّش وانظر. إنه لم يقم نبي من الجليل"(يوحنا ٧/ ٥٢)، إنهم يكذبونه في دعواه النبوة، وهو من الجليل التي لم يسبق أن أتى منها نبي.
١٥ - والشيطان أيضًا لم ير في المسيح أكثر من كونه بشرًا، فاجترأ عليه محاولًا غوايته، لذلك فقد حصره في الجبل أربعين يومًا من غير طعام ولا شراب، وهو في ذلك يمتحنه ويمنيه بإعطائه الدنيا في مقابل سجدة واحدة له" ٨ ثُمَّ أَخَذَهُ أيضًا إِبْلِيسُ إِلَى جَبَلٍ عَالٍ جِدًّا، وَأَرَاهُ جَمِيعَ مَمَالِكِ الْعَالمِ وَمَجْدَهَا، ٩ وَقَال لَهُ: "أُعْطِيكَ هذِهِ جَمِيعَهَا إِنْ خَرَرْتَ وَسَجَدْتَ لِي". ١٠ حِينَئِذٍ قَال لَهُ يَسُوعُ: "اذْهَبْ يَا شَيْطَانُ! لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: لِلرَّبِّ إِلهِكَ تَسْجُدُ وَإِيَّاهُ وَحْدَهُ تَعْبُدُ"."(متى ٤/ ٩ - ١٠)، فهل كان الشيطان يعِد الرب العظيم -مالك كل شيء وواهبه- بالدنيا؟ ! ! .