للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣ - وقال ابن كثير: بعد أن ذكر الروايات الصحيحة: ذكر ابن أبي حاتم، وابن جرير ها هنا آثارًا عن بعض السلف أحببنا أن نضرب عنها صفحًا لعدم صحتها فلا نوردها. (١)

٤ - قال القاضي عياض: اعلم - أكرمك الله، ولا تسترب في تنزيه النبي - صلى الله عليه وسلم - عن هذا الظاهر، وأن يأمر زيدًا بإمساكها، وهو يحب تطليقه إياها، كما ذُكِرَ عن جماعة من المفسرين، وأصح ما في هذا: ما حكاه أهل التفسير، عن علي بن حسين: أن الله تعالى كان أعلم نبيه أن زينب ستكون من أزواجه، فلما شكاها إليه زيد قال له: "أمسك عليك زوجك واتق الله". وأخفى في نفسه ما أعلمه الله به من أنه سيتزوجها مما الله مبديه ومظهره بتمام التزويج وتطليق زيد لها.

وقال القرطبي: وقد اجترأ بعض المفسرين في تفسير هذه الآية، ونسب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما لا يليق به ويستحيل عليه، إذ قد عصمه الله منه ونزَّهه عن مثله، وهذا القول إنما يصدر عن جاهلٍ بعصمته - صلى الله عليه وسلم - عن مثل هذا، أو مُسْتَخِفٍّ بحرمته، والذي عليه أهل التحقيق من المفسرين والعلماء الراسخين: أن ذلك القول الشنيع ليس بصحيح، ولا يليق بذوي المروءات، فأحرى بخير البريات ..

وقال ابن حجر: بعد أن ذكر الروايات الصحيحة: ووردت آثار أخرى أخرجها ابن أبي حاتم والطبري ونقلها كثير من المفسرين لا ينبغي التشاغل بها (٢).

وهناك ثُلّة كبيرة من علماء الإسلام في العصر الحاضر تفطنوا لمثل هذه الأخبار، ورمقت أبصارهم ما تنطوي عليه من مداخل خطيرة لا تليق بمقام الأنبياء، فأنار الله بصائرهم لكشف النقاب عن هذه الآثار الدخيلة، فكان لهم الفضل في التنبيه وإيقاظ الفكر الإسلامي للتصدي لكل دسيسة يراد منها النيل من قداسة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو تشويه الحقائق التاريخية في تراث الإسلام.

يقول الشيخ محمد رشيد رضا: وللقُصَّاص في هذه القصة كلام لا ينبغي أن يجعل في حيز القبول، ويجب صيانة النبي - صلى الله عليه وسلم - عن هذه التُرَّهات التي نسبت إليه زورًا وبهتانًا. (٣)


(١) تفسير القرآن العظيم (٣/ ٤٩١).
(٢) فتح الباري (٨/ ٥٢٤).
(٣) محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (صـ ٢٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>