وقال الشيخ محمد أبو شهبة تحت عنوان: إبطال ما ورد في قصة السيدة زينب بنت جحش - رضي الله عنها -: ومن ذلك: ما ذكره بعض المفسرين سبب نزول قوله تعالى: {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا}(الأحزاب: ٣٧).
وذكر الرواية بنحو ما سبق ثم قال: وهذه الرواية إنما هي من وضع أعداء الدين، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم متهم بالكذب، والتحديث بالغرائب، ورواية الموضوعات، ولم يذكر هذا إلا المفسرون والإخباريون المولعون بنقل كل ما وقع تحت أيديهم من غث أو سمين، ولم يوجد شيء من ذلك في كتب الحديث المعتمدة التي عليها المعول عند الاختلاف، والذي جاء في الصحيح يخالف ذلك، وليس فيه هذه الرواية المنكرة، روى البخاري في صحيحه، عن أنس بن مالك - رضي الله عنه -، أن هذه الآية:{وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ}: نزلت في شأن زينب ابنة جحش، وزيد بن حارثة واقتصر على هذا القدر، وليس فيه شيء من هذا الخلط.
وقال ابن حجر بعد ذكر رواية قتادة: ووردت آثار أخرى، أخرجها ابن أبي حاتم، والطبري، ونقلها كثير من المفسرين، لا ينبغي التشاغل بها، وما أوردته هو المعتمد، وهذه شهادة لها قيمتها، والذي أورده هو ما أخرجه ابن أبي حاتم عن طريق السدي، في هذه القصة، فساقها سياقًا واضحًا حسنًا، ولفظه: بلغنا أن هذه الآية نزلت في زينب بنت جحش، وكانت أمها أميمة بنت عبد المطلب: عمة رسول الله، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أراد أن يزوّجها زيدَ بن حارثة مولاه، فكرهَتْ ذلك، ثم رضيتْ بما صنع رسول الله، فزوجها إياه، ثم أعلم الله - عز وجل - نبيه بعد، أنها من أزواجه، فكان يستحيي أن يأمر بطلاقها، وكان لا يزال بين زيد وزينب ما يكون بين الناس، فأمره رسول الله أن يمسك عليه زوجه، وأن يتقي الله، وكان يخشى أن يعيب عليه الناس، ويقولوا: تزوج امرأة ابنه، وكان قد تبنى زيدًا. وهو السبب الصحيح، وروى ابن أبي