للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكنايات في التعبير عن هذا المعنى نابعة من الحياء الذي هو خلق الإسلام. فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "الإيمان بضع وستون شعبة، والحياء شعبة من الإيمان". (١)

وعن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مر على رجل من الأنصار وهو يعظ أخاه في الحياء فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "دعه فإن الحياء من الإيمان" (٢).

وعن عمران بن حصين قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "الحياء لا يأتي إلا بخير". (٣)

ولقد ضرب النبي - صلى الله عليه وسلم - فيه بالسهم الأكبر، وحاز النصيب الأوفر، فعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - أشد حياء من العذراء في خدرها (٤).

ولكن هذا الحياء لا يمنعه من التحري في إقامة حدود الله تعالى؛ لأجل المحافظة على الدماء، وهذا هو الأصل الثاني الذي تفهم هذه الكلمة من خلاله.

الأصل الثاني: فهو محافظة الإسلام على الدماء، وبيان هذا له مكان آخر وحسبنا أن نشير إليه في هذا المقام، فعن ابن عمر -رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لا يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دما حرامًا (٥).

وفي سبيل الحفاظ على النفس المسلمة جاء هذا الحديث، عن المقداد بن عمرو الكندي؛ وكان حليفًا لبني زهرة؛ وكان ممن شهد بدرا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخبره:

أنه قال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أرأيت إن لقيت رجلًا من الكفار فاقتتلنا فضرب إحدى يدي بالسيف فقطعها، ثم لازمني بشجرة، فقال: أسلمت لله، أقتله يا رسول الله بعد أن قالها؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تقتله"! . فقال يا رسول الله إنه قطع إحدى يدي ثم قال ذلك بعد ما قطعها؟ ! فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تقتله فإن قتلته فإنه بمنزلتك قبل أن تقتله وإنك


(١) البخاري (٩).
(٢) البخاري (٢٤).
(٣) البخاري (٥٧٦٦).
(٤) البخاري (٣٣٦٩).
(٥) البخاري (٦٤٦٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>