للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بمنزلته قبل أن يقول كلمته التي قال" (١).

وعنف النبي - صلى الله عليه وسلم - أسامة بن زيد في هذا الحديث لما قتل الرجل بعد قوله لا إله إلا الله. فعن أسامة بن زيد -رضي الله عنهما - قال: بعثنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الحرقة فصبحنا القوم فهزمناهم، ولحقت أنا ورجل من الأنصار رجلًا منهم فلما غشيناه قال: لا إله إلا الله. فكف الأنصاري عنه فطعنته برمحي حتى قتلته. فلما قدمنا بلغ النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا أسامة أقتلته بعد ما قال لا إله إلا الله؟ . قلت: كان متعوذًا فما زال يكررها حتى تمنيت أني لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم (٢).

وفي هذا الحديث ما يدل على وجوب التحري في مثل هذه الأمور قبل الإقدام على إزهاق النفس.

فعن أبي عمران الجوني قال: قال جندب: حدثني فلان أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: يجيء المقتول بقاتله يوم القيامة فيقول: سل هذا فيم قتلني؟ فيقول: قتلته على ملك فلان. قال جندب فاتقها (٣).

إلى آخر هذه النصوص التي تدل على شدة حرمة النفس، وعلى وجوب التحري في شأنها. وعليه فإذا كان الحياء أصل يحمل على الكناية في التعبير عن هذه العلاقة، فربما كانت الكناية في باب الحدود سببًا لسفك الدم بشبهة؛ وذلك لأن الزنى منه حقيقة، ومنه مجاز فربما فهم البعض أن الحكم في الكل واحد فيحتاج القاضي إلى العدول إلى لفظ لا إجمال فيه، ولا كناية، فيأتي بكلمة كهذه تقطع كل احتمال، حتى إذا أقر بها قتل بغير شبهة وحتى كلمة الجماع ربما تحمل على مجرد الاجتماع والخلوة في مكان (٤).


(١) البخاري (٣٧٩٤).
(٢) البخاري (٤٠٢١).
(٣) أخرجه النسائي (٣٩٩٨)، وأحمد في المسند ٤/ ٦٣، من طريق حجاج قال: أخبرني شعبة، عن أبي عمران الجوني، عن جندب، قال حدثني فلان وذكره به، وصححه الألباني في صحيح سنن النسائي (٣٧٣٣).
(٤) فتح الباري ١٢/ ١٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>