للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (١٥٧)} [البقرة: ١٥٧]، وقوله عزَّ وجلَّ: {هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ} [الأحزاب: ٤٣].

قال الطبرى: يقول تعالى ذكره: ربكم الذي تذكرونه الذكر الكثير، وتسبحونه بكرة وأصيلًا إذا أنتم فعلتم ذلك، الذي يرحمكم ويثني عليكم هو، ويدعو لكم ملائكته.

وقيل: إن معنى قوله: {يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ}: يشيع عنكم الذكر الجميل في عباد الله. (١)

وقال أيضًا: وأما قوله: {يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} يقول تعالى ذكره: إن الله وملائكته يبرّكون على النبي محمد - صلى الله عليه وسلم -، وقد يحتمل أن يقال: إن معنى ذلك: أن الله يرحم النبي، وتدعو له ملائكته ويستغفرون، وذلك أن الصلاة في كلام العرب من غير الله، إنما هو دعاء. (٢)

وقد ذكر البخاري كلام ابن عباس - رضي الله عنهما - معلقًا فقال: بَاب قَوْله: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ}، قَالَ أبُو الْعَالِيَة: صَلَاة الله ثَنَاؤُهُ عَلَيْهِ عِنْدَ الملَائِكَة، وَصَلَاة الملَائِكَة الدُّعَاء، وقال ابن عباس: (يصلون) يبركون (٣).

وعن كعب بن عجرة - رضي الله عنه - قيل: يا رسول الله أما السلام عليك فقد عرفناه فكيف الصلاة؟ قال: "قولوا اللهم صل على محمد، وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم، إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد، وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم، إنك حميد مجيد" (٤).

قال ابن حجر: قَوْله: "كَمَا صَلَّيْت عَلَى آلِ إِبْرَاهِيم"، أَيْ: تَقَدَّمَتْ مِنْك الصَّلَاة عَلَى إِبْرَاهِيم وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيم، فنسْأَل مِنْك الصَّلَاة عَلَى مُحَمَّد، وَعَلَى آلِ مُحَمَّد بِطَرِيقِ الْأَوْلَى، لِأَنَّ الَّذِي يَثْبُت لِلْفَاضِلِ يَثْبُت لِلْأَفْضَلِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى. (٥)


(١) تفسير الطبري (٢٢/ ١٧).
(٢) تفسير الطبري (٢٢/ ٤٣).
(٣) فتح الباري (٨/ ٥٣٢).
(٤) البخاري (٤٧٩٧)، ومسلم (٤٠٥).
(٥) فتح الباري (٨/ ٦٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>