للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْقِيَامَة، وَيَجْعَل لَهُ بِهِ لِسَان صِدْق فِي الْآخِرِينَ كَإِبْرَاهِيم - صلى الله عليه وسلم -.

وَأَجَابُوا عَنْ قَوْل الله عزَّ وجلَّ: {هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ}، وَعَن الْأَحَادِيث بِأَنَّ مَا كَانَ مِن الله عزَّ وجلَّ ورَسُوله فَهُوَ دُعَاء وَتَرَحُّم، وَلَيْسَ فِيهِ مَعْنَى التَّعْظِيم وَالتَّوْقِير الَّذِي يَكُون مِنْ غَيْرهمَا. وَأَمَّا الصَّلَاة عَلَى الْآلِ وَالْأَزْوَاج وَالذُّرِّيَّة، فـ إِنَّمَا جَاءَ عَلَى التَّبع لَا عَلَى الاسْتِقْلَال، وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّهُ يُقَال تَبَعًا لِأَنَّ التَّابع يَحْتَمِل فِيهِ مَا لَا يَحْتَمِل اِسْتِقْلَالًا. (١)

وقال ابن كثير: والمقصود من هذه الآية: أن الله سبحانه أخبر عباده بمنزلة عبده ونبيه عنده في الملأ الأعلى، بأنه يثني عليه عند الملائكة المقربين، وأن الملائكة تصلي عليه، ثم أمر تعالى أهل العالم السفلي بالصلاة والتسليم عليه، ليجتمع الثناء عليه من أهل العالمين العلوي والسفلي جميعًا. وقد أخبر أنه سبحانه وتعالى يصلي على عباده المؤمنين في قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا (٤١) وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (٤٢) هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا} [الأحزاب: ٤١ - ٤٣]، وقال تعالى: {أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ} [البقرة: ١٥٧] (٢).

وفي الحديث: "إن الله وملائكته يصلون على ميامن الصفوف". (٣)

قال المناوى: أي: يستغفرون لمن عن يمين الإمام من كل صف، والمراد يستغفرون لهم أولًا أو كثيرًا اهتمامًا بشأنهم. (٤)

وفي الحديث الآخر: "اللهمَّ صَلِّ عَلَى آلِ أَبِي أَوْفَى". (٥)

وقال النووي: هَذَا الدُّعَاء - وَهُوَ الصَّلَاة - اِمْتِثَال لِقَوْلِ الله عزَّ وجلَّ: {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ}. (٦)


(١) شرح النووي (٢/ ٣٦٢، ٣٦٣).
(٢) تفسير ابن كثير (٣/ ٦٨٤).
(٣) أبو داود (٦٧٦)، وحسنه ابن حجر في فتح الباري (٢/ ٢٤٩).
(٤) فيض القدير (٤/ ٤٢٢).
(٥) البخاري (١٤٩٧)، ومسلم (١٠٧٨).
(٦) شرح النووي (٤/ ١٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>