للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المعنى الثالث: وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله: {وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى} قال: وجدك بين ضالين فاستنقذك من ضلالتهم (١).

قال ابن الجوزى: وجدك في قوم ضُلَّال فهداك للتوحيد والنبوة؛ قاله ابن السائب (٢).

وقال الشوكاني: وقيل: وجدك ضائقًا في قومك فهداك إليه، ويكون الضلال بمعنى: الضياع (٣).

وقال ابن عطية: {وَوَجَدَكَ ضَالًّا} أي: تنسب إلى الضلال، وقال الكلبي: ووجدك في قوم ضلال فكأنك واحد منهم (٤).

المعنى الرابع: أنه ضل وهو صبي صغير في شعاب مكة، فرده الله إلى جده عبد المطلب؛ رواه أبو الضحى عن ابن عباس، كما تقول: ضلَّ فلانٌ في الصحراء أو ضل في طريقه تاه ولم يهتدي لمكانه وطريقه الصحيح.

وقيل: إنه لما خرج مع ميسرة غلام خديجة أخذ إبليس بزمام ناقته فعدل به عن الطريق، فجاء جبريل عليه السَّلام فنفخ إبليس نفخة وقع منها إلى الحبشة ورده إلى القافلة، فمنَّ الله عليه بذلك؛ قاله ابن المسيب.

المعنى الخامس: وجدك محبًا للهداية فهداك إليها، ويكون الضلال بمعنى: المحبة، ومنه قوله تعالى: {قَالُوا تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلَالِكَ الْقَدِيمِ} أي: في محبتك؛ قال الشاعر:

هذا الضلال أشاب مِنّي المفرقا ... والعارِضَيْن ولم أكنْ مُتحقّقًا

عَجَبًا لَعِزّةَ في اختيارِ قطيعتي ... بعد الضّلالِ فحبْلُها قد أخْلقًا (٥)


(١) الدر المنثور (٨/ ٥٤٤).
(٢) زاد المسير (٩/ ١٥٩).
(٣) فتح القدير (٥/ ٦٥٠)، زاد المسير (٩/ ١٥٨: ١٥٩).
(٤) المحرر الوجيز (٥/ ٤٩٤).
(٥) الأبيات لكُثير عزة، والضلال في الأبيات بمعنى الحب، الماوردي في تفسيره (٦/ ٢٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>