للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهي حائض فذكره عمر - صلى الله عليه وسلم - لرسول الله فتغيظ رسول الله، قلت: أجابوا عنه بأجوبة أحسنها: أنه كان معصومًا فلا يتطرق إليه احتمال ما يخشى من غيره في الحكم وغيره (١).

وقال الشوكاني: ولا يخفى أنه يصح إلحاق غيره - صلى الله عليه وسلم - في مثل ذلك لأنه معصوم عن الحكم بالباطل في رضائه وغضبه بخلاف غيره فلا عصمة تمنعه عن الخطأ ولهذا ذهب بعض الحنابلة إلى أنه لا ينفذ الحكم في حالة الغضب لثبوت النهي عنه والنهي يقتضي الفساد وفصل بعضهم بين أن يكون الغضب طرأ عليه بعد أن استبان له الحكم فلا يؤثر وإلا فهو محل الخلاف (٢).

ونقل الحافظ ابن حجر عن الخطابي قوله: معناه أمره بالعادة المعروفة التي جرت بينهم في مقدار الشرب (٣). ثم قال ابن حجر: يحتمل أن يكون المراد أمره بالقصد والأمر الوسط مراعاة للجوار ويدل عليه رواية شعيب المذكورة ومثلها لمعمر في التفسير وهو ظاهر في أنه أمره أولا أن يسامح ببعض حقه على سبيل الصلح وبهذا ترجم البخاري في الصلح إذا أشار الإمام بالمصلحة فلما لم يرض الأنصاري بذلك استقصى الحكم وحكم به.

وحكى الخطابي أن فيه دليلًا على جواز فسخ الحاكم حكمه، قال: لأنه كان له في الأصل أن يحكم بأي الأمرين شاء فقدم الأسهل إيثارًا لحسن الجوار فلما جهل الخصم موضع حقه رجع عن حكمة الأول وحكم بالثاني ليكون ذلك أبلغ في زجره وتعقب بأنه لم يثبت الحكم أولا كما تقدم بيانه قال وقيل بل الحكم كان ما أمر به أولا فلما لم يقبل الخصم ذلك عاقبه بما حكم عليه به ثانيا على ما بدر منه وكان ذلك لما كانت العقوبة بالأموال.

وقد وافق ابن الصباغ من الشافعية على هذا الأخير وفيه نظر وسياق طرق الحديث يأبى ذلك كما ترى لا سيما قوله واستوعى للزبير حقه في صريح الحكم وهي رواية شعيب في الصلح ومعمر في التفسير فمجموع الطرق دال على أنه أمر الزبير أولًا أن يترك بعض


(١) عمدة القاري ٢٤/ ٢٣٤.
(٢) نيل الأوطار ٩/ ١٤٢.
(٣) انظر: معالم السنن ٤/ ١٦٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>