٢ - وخاطبه اثنان من تلاميذه:"رب الَّذِي تَفْسِيرُهُ: يَا مُعَلِّمُ"(يوحنا ١/ ٣٨). ولم يخطر ببال أحد من التلاميذ المعنى الاصطلاحي لكلمة الرب حين أطلقوها على المسيح، فقد كانوا يريدون: المعلم والسيد، ولذلك شبهوه بيوحنا المعمدان حين قالوا له:"يَا رَبُّ، عَلِّمْنَا أَنْ نُصَلِّيَ كَمَا عَلَّمَ يُوحَنَّا أيضًا تَلَامِيذَهُ"(لوقا ١١/ ١).
٣ - واستعمال لفظة الرب بمعنى: السيد، شائع في اللغة اليونانية، يقول ستيفن نيل:"إن الكلمة اليونانية الأصلية التي معناها: "رب" يمكن استعمالها كصيغة للتأدب في المخاطبة، فسجان فلبي يخاطب بولس وسيلة بكلمة: "سيدي" أو "رب"، يقول سفر الأعمال: "ثُمَّ أَخْرَجَهُمَا وَقَال: "يَا سَيِّدَيَّ، مَاذَا يَنْبَغِي أَنْ أَفْعَلَ لِكَيْ أَخْلُصَ؟ " فَقَالا: "آمِنْ بِالرَّبِّ يَسُوعَ المُسِيحِ فَتَخْلُصَ أنتَ وَأَهْلُ بَيْتِكَ"(أعمال الرسل ١٦/ ٣٠). . . وكانت اللفظة لقبًا من ألقاب الكرامة. . .".
٤ - ومما يؤكد صحة هذا التأويل قول بولس، وهو يصف المسيح بالرب، ولا يمنعه ذلك أن يجعله عبدا لله "كَيْ يُعْطِيَكُمْ إِلهُ رَبِّنَا يَسُوعَ المُسِيحِ، أَبُو الْمجْدِ، رُوحَ الحكْمَةِ وَالإِعْلَانِ فِي مَعْرِفَتِهِ" (أفسس ١/ ١٧).
٥ - وأما قول توما للمسيح "ربي وإلهي" فهو لم يقع منه في مقام الخطاب للمسيح، بل لما رأى المسيح حيًّا، وقد كان يظنه ميتا استغرب ذلك، فقال متعجبا: "ربي وإلهي" (يوحنا ٢٠/ ٢٨)، ومما يؤكد صحة هذا الفهم أن المسيح أخبر في نفس السياق بأنه سيصعد إلى إلهه. (انظر يوحنا ٢٠/ ١٧)، وعليه فالألوهية هنا لو أريد بها المسيح فهي مجازية غير حقيقية. وقد يشكل على البعض في قوله: "أَجَابَ تُومَا وَقَال لَهُ: "رَبِّي وَإِلهِي! "." (يوحنا ٢٠/ ٢٨)، فيرى أن هذه الصيغة لم ترد في باب الاستغراب، بل في باب الخطاب المباشر للمسيح بلقب الألوهية، والحق أن (له) في النص إنما هي بمعنى لأجله أو لأجل ما رأى منه، ولها مثيل في الكتاب، في سفر صموئيل، حيث دعا النبي يوناثان الله من أجل داود، فيما يفهم من ظاهر السياق أن الحديث موجه إليه، وهو في الحقيقة دعاء لله من أجل داود،