للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويلاحظ هنا في الحديث مسارعة صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى متابعته في خلع نعليه، وهو فعل من أفعال العادة، وفي ذلك أقوى دليل على فهمهم واعتقادهم بعصمة النبي - صلى الله عليه وسلم - من الصغائر حتى في أفعاله الجبلية.

٤ - ولقد كان من كمال تأسي الصحابة - رضي الله عنهم - برسول الله - صلى الله عليه وسلم - واعتقادهم بعصمته من الصغائر في كل أحواله شدة حرصهم على تأسيهم به حتى في أمور بيته، وذلك كاختلافهم في جواز القبلة للصائم (١)، وفي طلوع الفجر على الجنب وهو صائم (٢)، فسألوا أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - فأخبرتهم أن ذلك وقع من النبي - صلى الله عليه وسلم - فرجعوا إلى ذلك وعلموا أنه لا حرج على فاعله لعصمته.

٥ - وعن أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - قال لست تاركا شيئًا كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعمل به إلا عملت به فإني أخشى إن تركت شيئًا من أمره أن أزيغ. (٣)

٦ - ولما وقف عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أمام الحجر الأسود يقبله خاطبه بقوله: لولا أني رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقبلك ما قبلتك (٤).

٧ - ولقد بلغ من كمال امتثال عمر - رضي الله عنه - لهدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يتأسى به حتى في حركاته وسكناته العادية التي هي من أفعال الجبلة، حيث كان يتبع آثار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في كل مكان حتى أنه كان يأتي شجرة بين مكة والمدينة فيقيل تحتها ويخبر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يفعل ذلك (٥).

وكل الذي سقناه إن دل فإنما يدل على عصمته - صلى الله عليه وسلم - من الصغائر، ومن ثَمّ، فإن العصمة


(١) البخاري مع الفتح (١٩٢٧)، مسلم (١١٠٦).
(٢) البخاري مع الفتح (١٩٢٦، ١٩٢٥)، مسلم (١١٠٩).
(٣) البخاري مع الفتح (٣٠٩٣).
(٤) البخاري مع الفتح (١٦١٠)، مسلم (١٢٧٠).
(٥) البخاري مع الفتح (١٦١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>