للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تقتضي المتابعة والاقتداء، وعلى ذلك سلفنا الصالح من الإيمان بعصمته في أحواله كلها، ولهذا كانوا يسارعون إلى التأسي به.

والأمثلة على ذلك كثيرة ومعلومة منها ما يلي:

١ - حرصهم على مضاهاته - صلى الله عليه وسلم - في العبادة، كما في قصة وصاله - صلى الله عليه وسلم - ورغبة بعض الصحابة الوصال نحوه، على ما بين وصاله ووصالهم من الفرق، حيث إنه إذا واصل يطعمه ربه ويسقيه بخلافهم، ومع ذلك فحرصوا على التأسي به فيه.

فعن أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - قالت: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الوصال رحمة لهم فقالوا: إنك تواصل، فقال - صلى الله عليه وسلم -: "إني لست كهيئتكم، إني يطعمني ربي ويسقيني" (١).

٢ - ومنها قصة اتخاذه - صلى الله عليه وسلم - خاتمًا من ذهب حيث اتخذ الناس خواتيم كذلك، فطرحه النبي - صلى الله عليه وسلم - فطرح الناس خواتيمهم.

فعن عبد الله بن عمر - رضي الله عنه - قال: اتخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خاتمًا من ذهب، فاتخذ الناس خواتيم من ذهب، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - إني اتخذت خاتمًا من ذهب، فنبذه، وقال: إني لن ألبسه أبدًا فنبذ الناس خواتيمهم (٢).

٣ - وعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: "بينما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي بأصحابه إذ خلع نعليه فوضعهما عن يساره، فلما رأى ذلك القوم القوا نعالهم، فلما قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاته، قال: ما حملكم على إلقائكم نعالكم؟ قالوا: رأيناك ألقيت نعليك فألقينا نعالنا، فقال: إن جبريل - عَلَيْهِ السَّلَام - أتاني فأخبرني أن فيهما قذرًا، وقال: إذا جاء أحدكم إلى المسجد فلينظر: فإن رأى في نعليه قذرًا أو أذى فليمسحه وليصل فيهما" (٣).


(١) البخاري (١٩٦٤)، مسلم (١١٠٥).
(٢) البخاري مع الفتح (٧٢٩٨)، مسلم (٢٠٩١).
(٣) أخرجه أبو داود (٦٥١، ٦٥٠)، والدارمي (١٣٧٨)، وأحمد (٣/ ٢٠)، وابن خزيمة (١٠٧١)، والحاكم في المستدرك ١/ ٢٩٣ وقال: صحيح على شرط مسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>