للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلحمٍ، فَأُرْسِلْتُ عَلَى الطَّعَامِ دَاعِيًا فَيَجِيءُ قَوْمٌ فَيَأْكُلُونَ وَيَخْرُجُونَ، ثُمَّ يَجِيءُ قَوْمٌ فَيَأْكُلُونَ وَيَخْرُجُونَ، فَدَعَوْتُ حَتَّى مَا أَجِدُ أَحَدًا أَدْعُو، فَقُلْتُ: يَا نَبِيَّ الله، مَا أَجِدُ أَحَدًا أَدْعُوهُ قَالَ: "ارْفَعُوا طَعَامَكُمْ". وَبَقِيَ ثَلَاثَةُ رَهْطٍ يَتَحَدَّثُونَ فِي الْبَيْتِ، فَخَرَجَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فَانْطَلَقَ إِلَى حُجْرَةِ عَائِشَةَ، فَقَالَ: "السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ وَرَحْمَةُ الله"، فَقَالَتْ: وَعَلَيْكَ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ الله كَيْفَ وَجَدْتَ أَهْلَكَ - بَارَكَ الله لَكَ؟ فَتَقَرَّى حُجَرَ نِسَائِهِ كُلِّهِنَّ يَقُولُ لَهُنَّ كَمَا يَقُولُ لِعَائِشَةَ وَيَقُلْنَ لَهُ كَمَا قَالَتْ عَائِشَةُ، ثُمَّ رَجَعَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - فَإِذَا ثَلَاثَةٌ مِنْ رَهْطٍ فِي الْبَيْتِ يَتَحَدَّثُونَ - وَكَانَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - شَدِيدَ الْحَيَاءِ - فَخَرَجَ مُنْطَلِقًا نَحْوَ حُجْرَةِ عَائِشَةَ فَمَا أَدْرِي آخْبَرْتُهُ أَوْ أُخْبِرَ أَنَّ الْقَوْمَ خَرَجُوا، فَرَجَعَ حَتَّى إِذَا وَضَعَ رِجْلَهُ فِي أُسْكُفَّةِ الْبَابِ دَاخِلَةً وَأُخْرَى خَارِجَةً أَرْخَى السِّتْرَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ، وَأُنْزِلَتْ آيَةُ الحجَابِ). (١)

وفي رواية عند البخاري أيضًا. قال أنس: .. ثُمَّ خَرَجَ إِلَى حُجَرِ أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِينَ كَمَا كَانَ يَصْنَعُ صبِيحَةَ بِنَائِهِ فَيُسَلِّمُ عَلَيْهِنَّ ويُسَلِّمْنَ عَلَيْهِ وَيَدْعُو لَهُنَّ وَيَدْعُونَ لَهُ). (٢)

٣ - وكذلك قرارها النهائي في جويرية - رضي الله عنها - يجلي لنا هذا الأمر أكثر.

فعن عائشة قالت: لما قسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سبايا بني المصطلق وقعت جويرية بنت الحارث في السهم لثابت بن قيس بن شماس - أو لابن عم له - فكاتبته على نفسها وكانت امرأة حلوة ملاحة لا يراها أحد إلا أخذت بنفسه، فأتت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لتستعينه في كتابتها. قالت: فوالله ما هو إلا أن رأيتها على باب حجرتي، فكرهتها وعرفت أنه سيرى منها ما رأيت. فدخلت عليه فقالت: يا رسول الله أنا جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار سيد قومه، وقد أصابني من البلاء ما لم يخف عليك، فوقعت في السهم لثابت بن قيس بن شماس - أو لابن عم له - فكاتبته على نفسي فجئتك أستعينك على كتابتي. قال: "فهل لك في خير من ذلك"؟ قالت: وما هو يا رسول الله؟ قال: "أقضى عنك كتابك وأتزوجك". قالت: نعم يا رسول الله قد فعلت. قالت: وخرج الخبر إلى الناس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد


(١) البخاري (٤٧٩٣).
(٢) البخاري (٤٧٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>