للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خامسًا: ولكن هذا الحب لم يكن ليحمله - صلى الله عليه وسلم - على الظلم لبقية النساء ولم يكن يحمله كذلك على السكوت على مخالفة شرعية تصدر من عائشة - رضي الله عنها - فأما بقية النساء فتظهر قمة العدل منه - صلى الله عليه وسلم - فيما يلي:

١ - عندما كان في مرضه الذي توفي فيه فأراد أن يمرض في بيت عائشة - رضي الله عنها - فاستأذنهن ولم يفوت حقهن في الاستئذان حتى وهو في هذا الموقف العصيب الشديد فلو أن الأمر نابع من الهوى ومن سيطرة عائشة - رضي الله عنها - عليه لما حصل هذا الاستئذان.

فعن عائشة قالت: لما ثقل النبي - صلى الله عليه وسلم - واشتد به وجعه استأذن أزواجه في أن يمرض في بيتي، فأذن له فخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - بين رجلين تحط رجلاه في الأرض (١).

٢ - ما كان - صلى الله عليه وسلم - يأخذها معه في سفر إلا إذا أصابتها قرعة ولم يحرم سودة من ليلتها حتى وهبتها لعائشة - رضي الله عنه - فلو أن الأمر أمر أمر هوى لأقبل على الشابة وترك العجوز، وأين المقارنة بين فتاة بكر وامرأة عجوز حتى يكون لها ليلة تهبها لعائشة ليكون لها فضل الهبة بعد ذلك إلا في ظل العدل المحمدي من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وها هي الصديقة تحفظ لنا هذا الخبر، فعن عائشة - رضي الله عنها - قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أراد سفرا أقرع بين نسائه فأيتهن خرج سهمها خرج بها معه وكان يقسم لكل امرأة منهن يومها وليلتها، غير أن سودة بنت زمعة وهبت يومها وليلتها لعائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - تبتغي بذلك رضًا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (٢).

٣ - لقد كانت رغبتها - رضي الله عنها - تخالف أحيانًا فلا تستطيع أن تقول شيئًا لأنها تتعامل مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا على أنه زوج فحسب بل على أنه زوج ورسول من عند الله تعالى.

فعن عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا خرج أقرع بين نسائه فطارت القرعة لعائشة وحفصة، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا كان بالليل سار مع عائشة يتحدث فقالت حفصة: ألا تركبين الليلة بعيري وأركب بعيرك تنظرين وأنظر؟ فقالت: بلى، فركبت فجاء النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى جمل عائشة وعليه


(١) البخاري (١٩٨).
(٢) البخاري (٢٥٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>