أحدنا امرأته، إنما هن خادم البيت، فإذا كان له حاجة سفع برجليها فقضى منها حاجته، فلما قدمنا المدينة تعلمن من نساء الأنصار، فجعلن يكلمننا ويراجعننا، وإني أمرت غلمانا لي ببعض الحاجة، فقالت امرأتي: بل اصنع كذا وكذا، فقمت إليها بقضيب فضربتها به، فقالت: يا عجبا لك يا ابن الخطاب، تريد ألا تكلم، فإن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يكلمنه نساؤه، فخرجت فدخلت على حفصة، فقلت: يا بنية انظري، لا تكلمي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في شيء، ولا تسأليه، فإن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليس عنده دنانير ولا دراهم يعطيكهن، فما كانت لك من حاجة حتى دهن رأسك فسليني، وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا صلى الصبح جلس في مصلاه، وجلس الناس حوله حتى تطلع الشمس، ثم دخل على نسائه امرأة امرأة، يسلم عليهن، ويدعو لهن، فإذا كان يوم إحداهن جلس عندها، هانها أهديت لحفصة بنت عمر عكة عسل من الطائف أو من مكة، فكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا دخل عليها يسلم حبسته حتى تلعقه منها أو تسقيه منها، وإن عائشة أنكرت احتباسه عندها، فقالت لجويرية عندها حبشية يقال لها: خضراء: إذا دخل على حفصة فادخلي عليها، فانظري ما يصنع، فأخبرتها الجارية ما يصنع بشأن العسل، فأرسلت عائشة إلى صواحبها فأخبرتهن، وقالت: إذا دخل عليكن فقلن: إنا نجد منك ريح مغافير، ثم إنه دخل على عائشة، فقالت: يا رسول الله، أطعمت شيئا منذ اليوم؟ فإني أجد منك ريح مغافير، وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أشد شيء عليه أن يوجد منه ريح شيء، فقال:"هو عسل، والله لا أطعمه أبدًا"، حتى إذا كان يوم حفصة، قالت: يا رسول الله، إن لي حاجة إلى أبي، إن نفقة لي عنده، فائذن لي أن آتيه، فأذن لها، ثم إنه أرسل إلى مارية جاريته، فأدخلها بيت حفصة، فوقع عليها، فأتت حفصة، فوجدت الباب مغلقا، فجلست عند الباب، فخرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو فزع، ووجهه يقطر عرقًا، وحفصة تبكي، فقال:"ما يبكيك؟ " فقالت: إنما أذنت لي من أجل هذا، أدخلت أمَتَكَ بيتي ثم وقدت عليها على فراشي، ما كنت تصنع هذا بامرأة منهن، أما والله ما يحل لك هذا يا رسول الله، فقال:"والله ما صدقت، أليس هي جاريتي قد أحلها الله لي؟ أشهدك أنها علي حرام، ألتمس بذلك رضاك، انظري ألا تخبري بهذا امرأة منهن، فهي عندك أمانة"، فلما