للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حتى خرج حاجًا فخرجت معه، فلما رجعنا وكنا ببعض الطريق عدل إلى الأراك لحاجة له، قال: فوقفت حتى فرغ ثم سرت معه فقلت: يا أمير المؤمنين من اللتان ظاهرتا على النبي -صلى الله عليه وسلم- (١)، ولمسلم: من المرأتان اللتان قال الله تعالى: {وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ} قال عائشة وحفصة (٢)، ثم ساق الحديث بطوله ومنهم من اختصره.

قلت: فهذا ابن كثير رحمه الله رجح أن سبب النزول في العسل، ولم يمنع في أنه شرب العسل عند زينب وعند حفصة لكن سبب النزول هو أحدهما.

٢ - وأما الحافظ ابن حجر فقال: وطريق الجمع بين هذا الاختلاف، الحمل على التعدد فلا يمتنع تعدد السبب للأمر الواحد.

٣ - فإن جنح إلى الترجيح فرواية عبيد بن عمير أثبت لموافقة ابن عباس لها على أن المتظاهرتين حفصة وعائشة على ما تقدم في الروايات السابقة من جزْمِ عمر بذلك، فلو كانت حفصة صاحبة العسل لم تقرن في التظاهر بعائشة، لكن يمكن تعدد القصة في شرب العسل وتحريمه واختصاص النزول بالقصة التي فيها أن عائشة وحفصة هما المتظاهرتان، ويمكن أن تكون القصة التي وقع فيها شرب العسل عند حفصة كانت سابقة، ويؤيد هذا الحمل أنه لم يقع في طريق هشام بن عروة التي فيها أن شرب العسل كان عند حفصة تعرض للآية ولا لذكر سبب النزول. (٣)

فهذا ابن حجر رحمه الله يرى أن القصة تعددت في الشرب والتحريم، ولكن النزول كان بعد قصة تظاهر عائشة وحفصة وهذا جلي بحمد الله لمن أراد الحق.

٤ - والراجح أيضًا أن صاحبة العسل زينب لا سودة؛ لأن طريق عبيد بن عمير أثبت من طريق بن أبي مليكة بكثير، ولا جائز أن تتحد بطريق هشام بن عروة، لأن فيها أن سودة كانت ممن وافق عائشة على قولها أجد ريح مغافير، ويرجحه أيضا ما مضى في كتاب الهبة عن عائشة أن نساء النبي -صلى الله عليه وسلم-


(١) البخاري (٤٦٢٩).
(٢) مسلم (١٤٧٩).
(٣) فتح الباري ٩/ ٣٧٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>