للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كن حزبين أنا وسودة وحفصة وصفية في حزب وزينب بنت جحش وأم سلمة والباقيات في حزب فهذا يرجح أن زينب هي صاحبة العسل، ولهذا غارت عائشة منها لكونها من غير حزبها والله أعلم. (١)

٥ - وكذلك رجح القرطبي ترجيحًا واضحًا فقال: وإنما الصحيح أنه كان في العسل، وأنه شربه عند زينب وتظاهرت عليه عائشة وحفصة فيه، فجرى ما جرى فحلف ألَّا يشربه، وأسر ذلك ونزلت الآية في الجميع (٢).

وهذا موافق لترجيح ابن حجر السابق ولترجيح ابن كثير، لأنهم يتحدثون عن سبب النزول لا عن شرب العسل وعدد مراته، وسبب الشبهة عند صاحبها هو الربط بين هذا وذاك، لكن هذا لا يمنع وقوع كل هذا من تحريم مارية وشرب العسل عند حفصة وسودة، ثم نزول آية التحريم عند تظاهر عائشة وحفصة بعد شرب العسل عند زينب والله أعلم.

٦ - ولنحو هذا مال الطبري رحمه الله فإنه جمع بين هذا كله بقوله:

والصواب من القول في ذلك أن يقال: كان الذي حرّمه النبيّ -صلى الله عليه وسلم- على نفسه شيئًا كان الله قد أحله له، وجائز أن يكون ذلك كان جاريته، وجائز أن يكون كان شرابًا من الأشربة، وجائز أن يكون كان غير ذلك، غير أنه أيّ ذلك كان، فإنه كان تحريم شيء كان له حلالًا فعاتبه الله على تحريمه على نفسه ما كان له قد أحله، وبين له تحلة يمينه في يمين كان حلف بها مع تحريمه ما حرّم على نفسه. اهـ (٣)

٧ - وممن جمع بين هذا كله الشوكاني رحمه الله فقال بعد ذكر السببين:

والجمع ممكن بوقوع القصتين: قصة العسل، وقصة مارية، وأن القرآن نزل فيهما جميعًا، وفي كل واحد منهما أنه أسرّ الحديث إلى بعض أزواجه. وأما ما ثبت في الصحيحين وغيرهما


(١) فتح الباري ٩/ ٣٧٦.
(٢) تفسير القرطبي (١٨/ ١٥٧).
(٣) تفسير الطبري (١٢/ ١٤٧)، والأثر الذي استدل به إسناده حسن فيه مسلمة بن علقمة ضعفه أحمد، وقال أبو حاتم: صالح الحديث الكاسف (٥٤٤١)، والجرح والتعديل ٨/ ٢٦٧، وقال ابن حجر: صدوق له أوهام. التقريب (٦٦٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>