للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليك أمرا أحب أن لا تعجلي فيه حتى تستشيري أبويك قالت: وما هو يا رسول الله؟ فتلا عليها الآية، قالت: أفيك يا رسول الله، أستشير أبوي؟ بل أختار الله ورسوله، والدار الآخرة، وأسألك أن لا تخبر امرأة من نسائك بالذي قلت، قال: "لا تسألني امرأة منهن إلا أخبرتها، إن الله لم يبعثني معنتًا، ولا متعنتًا، ولكن بعثني معلمًا ميسرًا". (١)

قلت: فهذا صريح واضح في سبب الهجر والتخيير فأين التشويش في ذلك؟ !

الرواية الثانية: وكذلك صرح عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- ذكره للحديث الذي أخرجه مسلم رحمه الله عن ابن عباس قال: لم أزل حريصًا أن أسأل عمر عن المرأتين من أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- اللتين قال الله تعالى: {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} (التحريم: ٤) ... (٢)

وزاد البخاري بعد قول عمر: فقلت يا رسول الله استغفر لي.

فاعتزل النبي -صلى الله عليه وسلم- من أجل ذلك الحديث حين أفشته حفصة إلى عائشة وكان قد قال ما أنا بداخل عليهن شهرًا من شدة موجدته عليهن حين عاتبه الله. (٣)

قلت: ففي هذه الروايات عن عمر -رضي الله عنه- أن اعتزاله كان بسبب مراجعته في عدة أمور، ومنها تظاهر عائشة وحفصة عليه، وهذا واضح من السياق في حديث عمر وجابر، ويوضح ذلك ابن حجر توضيحًا أكثر حيث قال: قوله: (ثم استقبل عمر الحديث يسوقه) أي القصة التي كانت سبب نزول الآية المسئول عنها.

وقال أيضًا: قوله: (لا تستكثري النبي -صلى الله عليه وسلم- أي لا تطلبي منه الكثير) وفي رواية يزيد بن رومان (لا تكلمي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فإن رسول الله ليس عنده دنانير ولا دراهم، فما كان لك من حاجة حتى دهنة فسليني) قوله: (ولا تراجعيه في شيء) أي لا ترادديه في الكلام ولا تردي عليه قوله: (ولا تهجريه) أي ولو هجرك.


(١) أخرجه مسلم (١٤٧٨).
(٢) أخرجه مسلم (١٤٧٩).
(٣) البخاري (٢٣٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>