للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأما عدي بن حاتم فتمسك بالإسلام وبقي في يده الصدقات، وكذلك الزبرقان بن بدر، وأما مالك بن نويرة فأرسل ما في يده وقال لقومه: قد هلك هذا الرجل فشأنكم بأموالكم وقد كانت طيء وبنو سعد كلمهما عدي بن حاتم والزبرقان بن بدر فقالا -وهما كانا أحزم رأيًا وأفضل في الإسلام رغبة من مالك بن نويرة- لقومهما (١). فمسألة رجوعه إلى الإسلام لم تثبت يقينًا عند خالد بالرغم من ظن بعض الصحابة أنه رجع.

فعن أبي عون وغيره: أن خالد بن الوليد ادعى أن مالك بن نويرة ارتد بكلام بلغه عنه، فأنكر مالك ذلك وقال: أنا على الإسلام ما غيرت ولا بدلت، وشهد له بذلك أبو قتادة وعبد الله بن عمر. (٢)

فالرواية تُبين أن خالدًا كان يعتقد كُفر مالك بن نويرة، وعدم أخذ خالد بقول أبي قتادة وابن عمر في قولهم بإسلامه لعدة أمور: منها أن هناك عدد أكثر منهما من الصحابة شهدوا بكفره، وأن هناك قرائن عديدة عند خالد تشهد بكفره، وأن خالدًا علم أن مالكًا يُراوغ ويُنافق بقوله: (أنا على الإسلام) بالرغم من أنه قال على النبي قولًا لا يقوله مسلم -كما سيأتي-، وكذلك شعور خالد قِبَل أبي قتادة وابن عمر أنهما يُرجحان العاطفة على الحزم، وذلك كله قبل مسألة تفكير خالد في زواجه من امرأة مالك.

٢ - متابعته لسجاح: قال ابن كثير: قصة سجاح وبني تميم: حيث كانت بنو تميم قد اختلفت آراؤهم أيام الردة، فمنهم من ارتد ومنع الزكاة، ومنهم من بعث بأموال الصدقات إلى الصديق، ومنهم من توقف لينظر في أمره، فبينما هم كذلك إذ أقبلت سجاح بنت الحارث بن سويد بن عقفان التغلبية من الجزيرة، وهي من نصارى العرب، وقد ادعت النبوة ومعها جنود من قومها ومن التف بهم، وقد عزموا على غزو أبي بكر الصديق، فلما مرت ببلاد بني تميم دعتهم إلى أمرها، فاستجاب لها عامتهم، وكان ممن استجاب لها مالك بن نويرة التميمي، وعطارد بن حاجب، وجماعة من سادات أمراء بني تميم، وتخلف آخرون منهم عنها، ثم اصطلحوا على أن لا حرب بينهم، إلا أن مالك بن


(١) السيرة لابن حبان (١/ ٤١٩).
(٢) سبق تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>