للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نويرة لما وادعها ثناها عن عودها، وحرضها علي بني يربوع، ثم اتفق الجميع على قتال الناس، وقالوا: بمن نبدأ؟ فقالت لهم فيما تسجعه: أعدوا الركاب، واستعدوا للنهاب، ثم أغيروا على الرباب، فليس دونهم حجاب، ثم إنهم تعاهدوا على نصرها، فقال قائل منهم:

أتتنا أخت تغلب في رجال ... جلائب من سراة بني أبينا

وأرست دعوة فينا سفاها ... وكانت من عمائر آخرينا

فما كنا لنرزيهم زبالا ... وما كانت لتسلم إذ أتينا

ألا سفهت حلومكم وضلت ... عشية تحشدون لها ثبينا. (١)

وكلام ابن كثير تؤيده رواية الطبري: فعن الصعب بن عطية بن بلال عن أبيه: كانت سجاج بنت الحارث بن سويد بن عقفان هي وبنو أبيها عقفان في بني تغلب فتنبأت بعد موت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالجزيرة في بني تغلب، فاستجاب لها الهذيل وترك التنصر وهؤلاء الرؤساء الذين أقبلوا معها لتغزو بهم أبا بكر فلما انتهت إلى الحزن راسلت مالك بن نويرة ودعته إلى الموادعة فأجابها وثناها عن غزوها وحملها على أحياء من بني تميم قالت، نعم، فشأنك بمن رأيت فإني إنما أنا امرأة من بني يربوع وإن كان ملك فالملك ملككم، فأرسلت إلى بني مالك بن حنظلة تدعوهم إلى الموادعة، فخرج عطارد بن حاجب وسروات بني مالك حتى نزلوا في بني العنبر على سبرة بن عمرو -هرابًا- قد كرهوا ما صنع وكيع وخرج أشباههم من بني يربوع حتى نزلوا على الحصين بن نيار في بني مازن وقد كرهوا ما صنع مالك فلما جاءت رسلها إلى بني مالك تطلب الموادعة أجابها إلى ذلك وكيع فاجتمع وكيع ومالك وسجاح وقد وادع بعضهم بعضًا واجتمعوا على قتال الناس. (٢)

فالحقيقة أنه لقوة إسلام وثبات بعض بطون وأفراد ورؤساء بني تميم، فقد استطاع مالك بن نويرة إقناع سجاح عندما أقبلت في جمعها لتغزو المدينة، بقتال الثابتين من قومها على


(١) البداية والنهاية (٦/ ٣٥٢).
(٢) أخرجه الطبري في تاريخه (٢/ ٤٩٦) فيما ذكر السري عن شعيب عن سيف عن الصعب به، وفيه سيف وهو ضعيف وقد سبق الكلام عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>