رواية تدل على انهم سمعوا الأذان: وعن قتادة نحوه وقال: إنا لما غشينا القوم أخذوا السلاح، فقلنا: إنا مسلمون، فقالوا: ونحن مسلمون، قلنا: فما بال السلاح معكم؟ قالوا: فما بال السلاج معكم؟ قلنا: فإن كنتم كما تقولون فضعوا السلاح، فوضعوا السلاح، ثم صلينا وصلوا. (١)
وأخيرًا، قال الصلابي: اختلفت الآراء في مقتل مالك بن نويرة اختلافًا كثيرًا: أقتل مظلومًا أم مستحقًا، أي أكافرًا قتل أم مسلمًا؟ وقام الدكتور علي العتوم بتحقيق هذه المسألة في كتابه "حركة الردة"، وتعرض الشيخ محمد الطاهر بن عاشور في كتابه "نقد علمي لكتاب الإسلام وأصول الحكم لهذه القضية"، وقام الشيخ محمد زاهر الكوثري بالدفاع عن خالد في كتابه "مقالات الكوثري" وغير ذلك من الباحثين، واخترت من بين من بحث هذا الموضوع ما ذهب إليه الدكتور علي العتوم؛ لأنه حقق المسألة تحقيقًا علميًا متميزًا، واهتم بأحداث الردة اهتمامًا لم أجده -على حسب اطلاعي- عند أحد من الباحثين المعاصرين وخرج بنتيجة أوافقه عليها: أن الذي أردى مالكًا: كبره، وتردده فقد بقي للجاهلية في نفسه نصيب، وإلّا لما ماطل هذه المماطلة في التبعية للقائم بأمر الإسلام بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وفي تأدية حق بيت مال المسلمين عليه، المتمثل بالزكاة، وفي تصوري أن الرجل كان يحرص على زعامته، ويناكف -في الوقت نفسه- بعض أقربائه من زعماء بني تميم الذين وضعوا عصا الطاعة للدولة الإسلامية، وأدوا ما عليهم لها من واجبات، ولقد كانت أفعاله وأقواله على السواء تؤيد هذا التصور فارتداده، ووقوفه بجانب سجاح، وتفريقه إبل الصدقة على قومه، بل ومنعهم من أدائها لأبي بكر، وعدم إصاخته لنصائح أقربائه المسلمين في تمرده. كل ذلك يدينه ويجعل منه رجلًا أقرب إلى الكفر منه إلى الإسلام، ولو لم يكن مما يحتج به على مالك إلا منعه للزكاة لكفى ذلك مسوِّغًا لإدانته، وهذا المنع مؤكد عند الأقدمين، فقد جاء في طبقات فحول الشعراء لابن سلام قوله: والمجمع عليه: أن خالدًا حاوره ورادّه، وإن مالكًا سمح بالصلاة والتوى بالزكاة جاء في شرح النووي لصحيح مسلم قوله عن المرتدين: كان في ضمن هؤلاء من يسمح بالزكاة ولا يمنعها