للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اما القرطبي فساق أثر ابن عباسٍ في تفسير الآية، ثم قال: وبقول ابن عباسٍ قالت عائشة، ومعاوية، والحسن، ومجاهد، وقتادة، وسعيد بن جبير، والضحاك، وابن أبي نجيح، وابن زيد.

ثم قال: وقال ابن عباس: هذه الشجرة بنو أمية، وإن النبي -صلى الله عليه وسلم- نفى الحكم.

وهذا قول ضعيفٌ محدَثٌ، والسورة مكيةٌ، فيبعد هذا التأويل، إلا أن تكون هذه الآية مدنيةً، ولم يثبت ذلك. اهـ (١)

وقال الآلوسي: والمعمول عليه عند الجمهور روايةُ الصحيح عن الحَبْرِ، ولا يخفى أن تفسير الآية بما ذكر غير ظاهر الملاءمة للسياق. (٢)

وقال الشوكاني: قال جمهور المفسرين: وهي شجرة الزقوم، والمراد بلعنها: لعن آكلها كما قال سبحانه: {إِنَّ شَجَرَتَ الزَّقُّومِ (٤٣) طَعَامُ الْأَثِيمِ} [الدخان: ٤٣ - ٤٤]. (٣)

أما الطاهر بن عاشور -رحمه الله تعالى- فأحسن وأجاد حيث فسر الآية بمثل قول الجمهور ثم قال: ويوجد في بعض التفاسير أن ابن عباسٍ -رضي الله عنه- قال: في الشجرة الملعونة بنو أمية. وهذا من الأخبار المختلقة عن ابن عباسٍ -رضي الله عنه-، ولا إخالها إلا مما وضعه الوضَّاعون في زمن الدعوة العباسية لإكثار المنفِّرات من بني أمية، وأن وصف الشجرة بأنها الملعونة في القرآن صريحٌ في وجود آياتٍ في القرآن ذُكِرَتْ فيها شجرةٌ ملعونةٌ وهي شجرة الزقوم كما علمتَ. ومثل هذا الاختلاق خروجٌ عن وصايا القرآن في قوله: {وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ} [الحجرات: ١١].اهـ

وبهذا التحقيق الذي ذكرنا تعلم أن قول من قال: إن الرؤيا التي أراه الله إياها هي رؤياه في المنام بني أمية على منبره، وإن المراد بالشجرة الملعونة في القرآن بنو أمية لا يُعوَّل عليه. إذ لا


(١) تفسير القرطبي سورة الإسراء آية (٦٠)، وانظر تفسير الرازي، والمحرر الوجيز لابن عطية.
(٢) روح المعاني ١٥/ ١٠٦.
(٣) فتح القدير ٣/ ٣٤٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>