للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أساس له من الصحة. والحديث الوارد بذلك ضعيفٌ لا تقوم به حجةٌ. وإنما وصف الشجرة باللعن لأنها في أصل النار، وأصل النار بعيدٌ من رحمة الله. واللعن: الإبعاد عن رحمة الله، أو لخبث صفاتها التي وُصِفَت بها في القرآن، أو للعن الذين يطعمونها. والعلم عند الله تعالى (١).

وقال ابن حجر رحمه الله: قوله: (والشجرة الملعونة في القرآن، قال: شجرة الزقوم).

هذا هو الصحيح، وذكره ابن أبي حاتم عن بضعةَ عشرَ نفسًا من التابعين، ثم روى من حديث عبد الله بن عمرٍو أن الشجرة الملعونة الحكم بن أبي العاص وولده وإسناده ضعيفٌ، وأما الزقوم فقال أبو حنيفة الدينوري في (كتاب النبات): الزقوم شجرةٌ غبراءُ تنبت في السهل، صغيرة الورق مدورته، لا شوك لها، زفرة مُرةٌ ولها نَورٌ أبيضُ ضعيفٌ تجرسه النحل ورءوسها قباحٌ جدًّا. وقال السهيلي: الزقوم فعولٌ من الزقم وهو اللقم الشديد، وفي لغةٍ تميميةٍ: كل طعامٍ يُتَقَيَّاُ منه يقال له زقومٌ، وقيل: هو كل طعامٍ ثقيلٍ. (٢)

الحديث الخامس: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- رأى أبا سفيان مقبلًا على حمارٍ، ومعاوية يقود به، ويزيد ابنه -ابن أبي سفيان- يسوق به فقال: "لعن الله القائد والراكب والسائق".

والجواب أن هذا حديث موضوعٌ، ولا أصل له. (٣)


(١) أضواء البيان ٣/ ٢٣٦.
(٢) فتح الباري (٨/ ٣٩٩).
(٣) موضوع. ذكره الطبري (٥/ ٦٢٢) في كتاب المعتضد الذي أمر فيه بلعن معاوية -رضي الله عنه-، ولا إسناد له، وقد قال الحافظ ابن حجر في لسان الميزان ترجمة أحمد بن الطيب -كان يرى رأي الفلاسفة، وقُتِلَ سكرانًا-أن عبد الله بن أحمد بن أبي طاهر ذكر في أخبار المعتضد أن أحمد بن الطيب هو الذي أشار على المعتضد بلعن معاوية على المنابر وإنشاء التواقيع إلى البلاد بذلك. اهـ لسان الميزان (١/ ١٨٩).
وقد وقفتُ على هذا الحديث مسنَدًا عن سفينة، وعن نصر بن عاصمٍ عن أبيه، ولم يذكر فيه معاوية ولا يزيد.
فأما حديث سفينة فأخرجه البزار (٣٨٣٩) قال: حدثنا السكن بن سعيد، قال: حدثنا عبد الصمد، قال: حدثنا أبي، وحدثنا حماد بن سلمة، عن سعيد بن جمهان، عن سفينة -رضي الله عنه-، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان جالسا، فمر رجلٌ على بعيرٍ، وبين يديه قائدٌ، وخلفه سائقٌ، فقال: لعن الله القائد، والسائق، والراكب. قال الهيثمي (١/ ٣٠٨): رواه البزار ورجاله ثقاتٌ. وليس كما قال -رحمه الله- فالسكن بن سعيد لم أجد له ترجمة، والهيثمي قد قال في موضع آخر (٧/ ٣٩٥) عنه: لا أعرفه، وكذا قال الألباني في الضعيفة (٥٤٥٧): لم أعرفه. وليس فيه تسمية =

<<  <  ج: ص:  >  >>