للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على الموت، وقام كل من كان عنده من أهل اليمن، فكلموه فيه، فقال: أتضمنونه لي بنفسه متى أحدث حدثًا أتيتموني به؟ قالوا: نعم. فخلى سبيله.

ومكث حجر في منزل ربيعة بن ناجذ يومًا وليلة، ثم بعث إلى ابن الأشعث غلامًا يدعى رشيدًا من سبي أصبهان، فقال له: إنه قد بلغني ما استقبلك به هذا الجبار العنيد، فلا يهولنك شيء من أمره؛ فإني خارج إليك، فاجمع نفرًا من قومك، وادخل عليه، واسأله أن يؤمنني حتى يبعثني إلى معاوية، فيرى فيَّ رأيه. فخرج محمد إلى حجر بن يزيد، وجرير بن عبد الله، وعبد الله أخي الأشتر، فدخلوا إلى زياد فطلبوا إليه فيما سأله حجر، فأجاب، فبعثوا إليه رسولًا يعلمونه بذلك. فأقبل حتى دخل على زياد، فقال له: مرحبًا يا أبا عبد الرحمن، حرب في أيام الحرب، وحرب وقد سالم الناس! (على نفسها تجني براقش)، فقال له: ما خالعت طاعة، ولا فارقت جماعة، وإني لعلى بيعتي. فقال: هيهات يا حجر، أتشج بيد وتأسو بأخرى، وتريد إذا أمكننا الله منك أن ترضى! هيهات والله! فقال: ألم تؤمنني حتى آتي معاوية، فيرى فيَّ رأيه. قال: بلى، انطلقوا به إلى السجن. فلما مضي به قال: أما والله لولا أمانه ما برح حتى يلقط عصبه. فأخرج وعليه برنس في غداة باردة، فحبس عشر ليال، وزياد ما له عمل غير الطلب لرؤوس أصحاب حجر.

فخرج عمرو بن الحمق، ورفاعة بن شداد حتى نزلا المدائن، ثم ارتحلا حتى أتيا الموصل، فأتيا جبلًا فكمنا فيه، وبلغ عامل ذلك الرستاق -وهو رجل من همدان يقال له: عبيد الله بن أبي بلتعة- خبرهما، فسار إليهما في الخيل، ومعه أهل البلد، فلما انتهى إليهما خرجا، فأما عمرو فكان بطنه قد استسقى، فلم يكن عنده امتناع.

وأما رفاعة فكان شابًا قويًا فوثب على فرس له جواد، وقال لعمرو: أقاتل عنك. قال: وما ينفعني أن تقتل؟ انج بنفسك، فحمل عليهم، فأفرجوا له حتى أخرج فرسه، وخرجت الخيل في طلبه، وكان راميًا فلم يلحقه فارس إلا رماه، فجرحه أو عقره، فانصرفوا عنه؛ فأخذ عمرو بن الحمق، فسألوه: من أنت؟ فقال: من إن تركتموه كان أسلم

<<  <  ج: ص:  >  >>