للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتوفي فلما أرادوا دفنه أبى ذلك مروان وقال: لا يدفن عثمان في حش كوكب ويدفن الحسن ههنا. فاجتمع بنو هاشم وبنو أمية فأعان هؤلاء قوم وهؤلاء قوم، وجاؤوا بالسلاح فقال أبو هريرة لمروان: يا مروان، أتمنع الحسن أن يدفن في هذا الموضع وقد سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول له ولأخيه حسين: (هما سيدا شباب أهل الجنة)؟ فقال مروان: دعنا عنك، لقد ضاع حديث رسول الله إن كان لا يحفظه غيرك، وغير أبي سعيد الخدري إنما أسلمت أيام خيبر، قال: صدقت، أسلمت أيام خيبر، إنما لزمت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلم أكن أفارقه، وكنت أسأله وعنيت بذلك حتى علمت وعرفت من أحب ومن أبغض ومن قرب ومن أبعد، ومن أقر ومن نفى، ومن دعا له ومن لعنه، فلما رأت عائشة السلاح والرجال، وخافت أن يعظم الشر بينهم، وتسفك الدماء قالت: البيت بيتي، ولا آذن أن يدفن فيه أحد.

وقال محمد بن علي لأخيه: يا أخي إنه لو أوصى أن يدفن لدفناه أو نموت قبل ذلك، ولكنه قد استثنى فقال: إلا أن تخافوا الشر، فأي شر أشد مما ترى؟ فدفن بالبقيع إلى جنب أمه. (١)

الرواية الثانية: ويقال إن الحسن أوصى أن يدفن مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فأظهر الحسين ذلك قبل موت الحسن، فأنكره مروان بن الحكم وكتب بقول الحسين إلى معاوية، فكتب إليه معاوية: إذا مات الحسن فامنع من ذلك أشد المنع كما منعنا من دفن عثمان مع النبي - صلى الله عليه وسلم -.

فأتى الحسين الحسن فأخبره بذلك فقال: يا أخي اجتنبت القتال في حياتي، أفتريد أن يكون ذلك عند سريري؟ فضمن له ألا يفعل. (٢)


(١) ضعيف. أخرجه البلاذري في أنساب الأشراف (١/ ٣٨٩) من طريق حفص بن عمر الدوري المقرئ، عن عباد بن عباد، عن هشام به. وإسناده ضعيف لأجل حفص بن عمر الدوري قال الدارقطني: ضعيف. تهذيب التهذيب (٢/ ٣٥١) يعني في الحديث أما في القرآن فهو إمام. وفيه بيان السبب الذي قالت لأجله عائشة هذه المقالة على فرض صحتتها وهو أنها خافت الشر بينهم وعلمت أن آل الحسن لا يقتحمون بيتها لو منعتهم، فقالت هذه المقالة حقنًا للدماء وتحصيلًا لأعظم المصلحتين بتفويت أدناهما، ودفعًا لأعظم الضررين بارتكاب أخفهما ثم هي بذلك تكون قد عملت بوصية الحسن - رضي الله عنه - كما هو في الرواية.
(٢) وهذا ذكره البلاذري من غير إسناد وصدره بقوله: ويقال. وهذا لفظ تمريض للإشعار بأن إسناده ضعيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>