للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فنحن لا نشغل أنفسنا بلوم معاوية على أمر قدره الله عز وجل، وقد وقع فيه معاوية باجتهاد لا بهوى.

٢ - عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "احتج آدم، وموسى فقال له موسى: أنت آدم الذي أخرجتك خطيئتك من الجنة، فقال له آدم: أنت موسى الذي اصطفاك برسالاته وبكلامه ثم تلومني على أمر قدر علي قبل أن أخلق". فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "فحج آدم موسى مرتين". (١)

وآدم عليه السلام إنما حج موسى لأن موسى لامه لما أصابه من المصيبة، لم يلمه لحق الله تعالى في الذنب فإن آدم تاب والتائب من الذنب كمن لا ذنب له بل قال له: بماذا أخرجتنا ونفسك من الجنة قال: تلومني على أمر قدره الله على قبل أن أخلق بأربعين سنة فحج آدم موسى، وكذا يؤمر كل من أصابه مصيبة من جهة أبيه، وغيره أن يسلم لقدر الله كما قال تعالى {وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ}، قال علقمة: هو الرجل تصيبه المصيبة فيعلم أنها من عند الله فيرضى، ويسلم. (٢)

والإنسان ليس مأمورًا أن ينظر إلى القدر عند ما يؤمر به من الأفعال، ولكن عندما يجرى عليه من المصائب التي لا حيلة له في دفعها، فما أصابك بفعل الآدميين أو بغير فعلهم أصبر عليه وارض وسلم قال تعالى: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ} (التغابن: ١١). (٣)

وكذلك نحن نسلم في هذا الأمر لقدر الله عز وجل كما سلم جمهور الصحابة، وأما معاوية - رضي الله عنه - فلو سلم أن ما فعل خطأ محض لكانت مصيبة كما قدمنا، وعذره فيها كعذر آدم عليه السلام.


(١) أخرجه البخاري (٣٢٢٨).
(٢) مجموع الفتاوى لابن تيمية رحمه الله (٢/ ١٠٨).
(٣) مجموع الفتاوى (٨/ ١٧٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>